في أجواء من الفخر والاعتزاز, “يوم الشهيد”… دعوة للاستلهام من مسيرة الشهداء وحماية الذاكرة التاريخية

في أجواء من الفخر والاعتزاز, “يوم الشهيد”… دعوة للاستلهام من مسيرة الشهداء وحماية الذاكرة التاريخية

تحيي، الجزائر، الثلاثاء، اليوم الوطني للشّهيد الذي يصادف الـ 18 فيفري من كلّ سنة، وهو اليوم الذي يستذكر فيه الشّعب الجزائري ذكرى الشّهداء الّذين قضوا في سبيل أن نعيش في ظلّ الكرامة والاستقلال.

وتنظّم وزارة المجاهدين في هذه المناسبة، ندوات فكرية ومهرجانات ثقافية إحياء للذكرى وتتناوب ولايات الوطن على احتضان هذا العرس كل سنة، لكي لا ينسى الشعب الجزائري المغزى من استشهاد الملايين من الشهـداء لتحرير الجزائر وكذا لإرساء الروابط بين الأجيال وتذكير الشباب بتضحيات الأسلاف من أجل استخلاص العبر والاقتداء بخطهم الشريف.

 

وقفة مع ثنائية المعاناة والشموخ

يمثل هذا اليوم وقفة لمعرفة مرحلة الإستعمار التي عاشها الشعب الجزائري في بؤس ومعانـاة، وليستعيد إلى ذاكرته بهذه المناسبة شريط التضحيات والدم والنار والعذاب وجثث الشهداء وجراح أيام الإستدمار الفرنسي، وليتذكر أن هؤلاء الشهداء ماتوا من أجل حرية شعب الجزائر العربي الأبي المسلم وضحوا بالنفس والنفيس ولم تلههم الدنيا عن الوطن وحريته.

 

محطة لاستلهام العبر

دعا أبناء الأسرة الثورية من مجاهدين وأبناء شهداء في لقاء تكريمي لفائدة عائلات الشهداء، نظم بالجزائر العاصمة، إلى ضرورة جعل ذكرى يوم الشهيد المصادف لـ 18 فيفري من كل سنة، محطة للاستلهام من المسيرة التاريخية العطرة لقوافل الشهداء الذين ضحوا وسلكوا سبيل الكفاح من أجل استرجاع السيادة الوطنية والاستقلال، حاثين جيل اليوم خاصة الشباب على وجوب الحفاظ على الذاكرة التاريخية للأمة.

فإحياء هذه الذكرى المخلدة لصفحات تاريخ ثورة التحرير المجيدة، نابع من الإيمان العميق بضرورة تحرير الوطن من هيمنة الاستعمار الفرنسي البغيض، والتنديد بممارساته الشنيعة في حق الشعب الجزائري، فيوم 18 فيفري التاريخي لم يأت من العدم وإنما تيّمنا بالشهداء الذين سقطوا في ميادين الوغى دفاعا عن الوطن.

 

تاريخ تأسيس هذا اليوم

قال السيد كشود الذي عمل إطارا ومربيا بوزارة المجاهدين لسنوات عديدة، إن المساعي الحثيثة التي أبدتها الوزارة الوصية والأسرة الثورية للتأسيس لهذا اليوم العظيم منذ استرجاع السيادة الوطنية سنة 1962 إلى غاية سنة 1989، حيث كان ميلاده والاحتفال به بشكل رسمي بعد اجتماع نادي الصنوبر الذي جرى يوم 18 فيفري 1989 الذي خرج بعدة قرارات حاسمة منها التأسيس للاحتفال بيوم 18 فيفري من كل سنة كيوم وطني للشهيد، وأوضح المتحدث في هذا الإطار، أن الأقدار شاءت أن يتزامن اختيار هذا التاريخ مع عدة أحداث هامة منها ميلاد أحد أبطال ثورة التحرير المجيدة المخطط لهجومات 20 أوت 1955 الشهيد زيغوت يوسف الذي كان يوم 18 فيفري 1921، إلى جانب التزامن مع اجتماع المنظمة الخاصة في 18 فيفري 1947 وانعقاد مؤتمر حركة انتصار الحريات الديمقراطية، وهي محطات تزامنت – كما قال – مع التأسيس للذكرى بمحض الصدفة ولم يكن مخطط لها من قبل، داعيا بالمناسبة، إلى الاستلهام منها وجعلها مرجعا تنهل منه الأجيال الصاعدة.

 

نظام الشعب يسبق نظام الثورة

واستعرض المجاهد صالح رحماني، أول مؤسس لمراكز الشهداء بعد الاستقلال، سياسة التكفّل بعائلات الشهداء وأبنائهم خلال الثورة المسلحة بفضل سياسة التضامن التي كانت قائمة بين أفراد الشعب الجزائري تجاه بعضه البعض وتجاه عائلات الشهداء والمجاهدين بشكل خاص، مشيرا إلى أن نظام الشعب في تلك الفترة سبق نظام الثورة في الإهتمام بهذه الفئة من خلال التكفّل بها بالقرى والمداشر، لاسيما بعد عمليات القصف الجوي والأرضي لجيش الاستعمار. وأضاف أنه بعد ذلك جاء نظام الثورة أو نظام قيادة الثورة، ممثلا في جبهة التحرير الوطني ليحمل على عاتقه مسؤولية التكفّل بحالة أفراد الشعب وعائلات الشهداء والأسرة الثورية في الداخل من خلال تخصيص منح مالية لهم وعلى مستوى الحدود، حيث تم احتضانهم في مراكز خاصة حوّلت فيما بعد إلى مدارس لأشبال الثورة.

وعلى الصعيد الخارجي بفرنسا، حيث كان هناك تضامن فعّال بين أفراد الجالية الوطنية في تلك الفترة تجاه عائلات المجاهدين الذين كانوا معتقلين بالسجون الفرنسية وأسر الشهداء التي كانت تعيش هناك، حيث كانت تقدم لهم المساعدات المالية والغذائية.. وغيرها.

كما أوضح في السياق ذاته، أن الدولة أخذت على عاتقها بعد الاستقلال سنة 1965 ضرورة التكفّل الفعلي بأبناء الشهداء في إطار قوانين خاصة، حيث أصبحوا يلتحقون بالمدارس الحكومية ومراكز التكوين المهني حسب الإمكانيات المتوفرة في تلك الفترة، مشيرا إلى مواصلة الحكومة التكفّل بعائلات الشهداء والمجاهدين من خلال تخصيصهم بمراكز للراحة والاستجمام وامتيازات أخرى هامة.

لمياء بن دعاس