بالفيلم الروائي القصير “هيبنوتيزيا”، لمخرجه مروان لخضر حمينا، تكون السينما الجزائرية قد اقتحمت باب الأزمات النفسية والعلاجات التي توفر للمريض الذي يعاني ويتعذب في صمت، حلا يسمح له تدريجيا بالعبور إلى بر الأمان عبر وسيلة التنويم المغناطيسي في قالب سينمائي مشتعل بأسئلة الخوف والقلق والارتياب.
ويأخذ المخرج مروان لخضر حمينا، في أول عمل له وراء الكاميرا، الجمهور إلى عالم منغلق ومرهب من خلال موضوع نفساني لم تعالجه السينما الجزائرية وتعتمد مقاربته على طريقة التنويم المغناطيسي الذي يعتمده بعض المختصين في معالجة المرضى النفسيين.
تبدأ أحداث الفيلم على صوت المنوم المغناطيسي وترافقه الكاميرا مركزة عبر رواق طويل، ويدخل المخرج عقبها المتلقي في متاهات ودوامة تختلط فيها الحقيقة بالهلوسة.
وقد اختار المخرج وهو أيضا كاتب السيناريو المقتبس عن قصة للكاتب ديديي دينيك نشرت في 1994 كمسرح لأحداث مكتب استقبال نداءات المرضى النفسيين التابع لجمعية خيرية “اس او اس اكتئاب” ويفتح منه ممرا نحو عالم هؤلاء المرضى الذين يتألمون في صمت، لكن هذا الكبت يتطور غالبا إلى أمور بشعة في حالة غياب المساعدة.
وقد نجح المخرج خلال 37 دقيقة في وصف المعاناة والعذاب الذي يعيشه المريض من خلال الاتصال الهاتفي بين مريض وإحدى المتطوعات في مكتب الاتصال، حيث اعترف لها بارتكابه جريمة وعن حالة اليأس التي وصل إليها
وعن استعداده لارتكاب جريمة أخرى في حق فتاة لا يعرفها، لكن يعتبر أن سلوكها مستفز وغير محترم.
وتسمح تلك الأجواء الهيتشكوكية التي ميزت المشهد للجمهور بالتفاعل مع الوقائع وللممثلين بالانصهار في تلك الأجواء المرعبة، كما كشفت كاميرا مروان حمينا أثناء تجولها في أزقة المدينة وداخل وسائل النقل عن الكثير من الأمور التي تقف وراء تلك السلوكات التي كثيرا ما تكون ضحيتها المرأة.
ورافقت تلك المشاهد التي تعكس لحظات مؤثرة من الحياة اليومية في المدينة موسيقى الفنان سليم دادا والتي اقتبسها خصوصا للفيلم من سيمفونيته الجديدة وسايرت فعلا في خمس حركات تقلبات الأحداث.
وقال المخرج عن اختياره هذا الموضوع الجريء، إنه يحب إنتاج هذا النوع من الأفلام التي تهتم بالمعاناة النفسية، وحاول تقديم عمل مختلف بأسلوب يجعل المشاهد يتعايش مع الحدث.
وفي رده حول ظهور المرأة بقوة في كل المواقف بما قد يفهم أنه ضمنيا يشير إلى استهدافها من خلال تلك السلوكات المرضية، أكد مروان أنه عادة لا يحب الأعمال التي تحمل رسائل، ولكن لو أعطى فيلمه هذا الاحساس للمتلقي، فقد يرجع ذلك حسبه لترسبات اللاشعور.
وبدوره أكد منتج الفيلم أنه سعيد بإتمام هذا الإنتاج، مذكرا بالصعوبات المالية التي تعرقل عمل السينمائيين، داعيا بالمناسبة إلى تشجيع الانتاج والنهوض بدور العرض لإنعاش الفن السابع.
وساهم في أداء الأدوار الرئيسية إلى جانب دنيا لخضر حمينا كل من سليمان بن وارث ورشيد علاف وسهى ولهى وإيلينا جيلالي.
يذكر أن هذا الفيلم استفاد من دعم وزارة الثقافة والفنون والمركز الجزائري لتطوير السينما والديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة.
ب/ص
