يستعد التلفزيون الجزائري لإنجاز فيلم ضخم، يتناول أهم محطات حياة المناضل الكبير الذي أرعب جهاز الموساد لسنوات قبل أن يتم اغتياله، وهو الذي جمع بين عشقه للمسرح ومساندته لقضايا التحرر في العالم، ويكفي أنه كان مهندسا لعمليات “أيلول الأسود” في أوروبا، وجند “كارلوس الثعلب” في موسكو لصالح القضية الفلسطينية.
وولد محمد بودية في 24 فيفري 1932 في حي القصبة العتيق وسط الجزائر العاصمة، وفيها تلقى تعليمه الأول وانخرط في صفوف الكشافة الإسلامية الجزائرية. وأخذه بعد ذلك ولعه بالمسرح إلى الالتحاق بالمركز الجهوي للفنون الدرامية، مع بداية الثورة الجزائرية سنة 1954. وفي سياق التجنيد الإجباري؛ التحق بودية بالخدمة العسكرية في الجزائر العاصمة ثم في ديجون بفرنسا، وفيها تعرّف على فرقة مسرحية جزائرية في الضاحية الباريسية. باشر بودية نشاطه السياسي في الحركة الوطنية الجزائرية في فرنسا، قبل أن يصبح مسؤولا عن الخلية الباريسية لجبهة التحرير؛ التي نفذت عمليات فدائية بين سنتي 1957 و1958، ومن أهم تلك العمليات، تفجير أنابيب النفط في مارسيليا بتاريخ 25 أوت 1958.
وكانت عملية مارسيليا بمثابة الحادثة التي لفتت انتباه السلطات الفرنسية إلى اسم محمد بودية، باعتباره واحدا من “أخطر المجرمين” وفق تقارير الإدارة الفرنسية، ثم أُوقف في التاسع من سبتمبر 1958 من طرف الشرطة الفرنسية وحكم عليه بـ20 سنة سجنا مع الأشغال الشاقة، لكنه تمكن من الهرب في العاشر من سبتمبر 1961، قبل أشهر من استقلال بلده.
وعُيّن بعد الاستقلال مديرا للمسرح الوطني سنة 1963 بطلب منه، في عهد الرئيس الأسبق أحمد بن بلّة؛ الذي كانت تربطه به علاقة طيبة كما كان صديقا أيضا للمناضل الكوبي فيدل كاسترو، ونظم دورات وزيارات لفنانين من المسرح الكوبي إلى الجزائر، كما قرر تخصيص مداخيل الموسم الصيفي للمسرح الجزائري عام 1964 لدعم كفاح الشعب الفلسطيني.
وكان بودية المدبر الرئيسي لجميع عمليات الجبهة الشعبية الفلسطينية في أوروبا في مطلع السبعينيات، ورغم ذلك لم يثبت أي دليل ضده، خصوصا مع ظهوره الدائم بثوب المسرحي الحاضر في باريس.
وأثناء تنقلاته بين فيينا وجنيف، اختار أسماء مستعارة كثيرة منها: بوايي وموريس وأندريس وبيرتان وروبيرت ورودريغ وروجي وسعيد بن أحمد.
واستعمل اسم “أبو خليل” خلال زيارته المتكررة إلى معسكرات تدريب الثوار الفلسطينيين بالضفة الغربية مع بداية السبعينيات.
وبعد عملية أولمبياد ميونخ أطلقت رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير وبإشراف من الموساد؛ عملية “غضب الرب”، والتي تضمنت لائحة “إكس 12″، التي تقضي بتصفية 12 اسما من القيادات الفلسطينية في جميع أنحاء العالم.
ب\ص