فيلم “الساقية”.. الصمت أبلغ من الكلمات

فيلم “الساقية”.. الصمت أبلغ من الكلمات

انبهر، الجمعة، الجمهور العنابي، وارتفعت الهمسات في القاعة، حين بدأت مشاهد “الساقية” تنبض على الشاشة، حاملةً عبق الثورة الجزائرية وروح المقاومة.

لم تكن مجرد لحظة سينمائية عابرة، بل لحظة تواصل حي بين جيل لم يعش الثورة، وجيل صنعها بدمه وذاكرته. الفيلم شدت قصته الحاضرين، خصوصًا من فئة الشباب، الذين وجدوا في هذا العمل نافذة غير تقليدية لفهم التاريخ، بعيدًا عن لغة الخطب والكتب الجافة. وأعاد هذا العمل التاريخي الحياة لزمن نضالي ما زال يسكن تفاصيل الجزائريين، وأثبتت أن الصورة قادرة على إحياء الذاكرة، بل وزرع الإحساس بها من جديد. كان لافتًا خلال عرض الفيلم تفاعل الشباب مع أحداثه، حيث التُقطت لحظات من الصمت العميق، واهتمام لافت بكل تفصيلة، وكأنهم يكتشفون وجها غير مألوف من حكاية وطنهم. جيل وُلد بعد الاستقلال بعقود، وشهد تحوّلات كثيرة، وجد في “الساقية” صلة وجدانية صادقة مع تاريخ لم يكن يومًا بعيدًا. تحوّلت قاعة العرض إلى فضاء للمشاعر، والأسئلة، وربما حتى الوعي المتجدد. فيلم “الساقية”، للمخرج سفيان مهدي تساباست، لم يكن مجرد عمل فني يحكي عن الثورة، بل تجربة سينمائية ذات بُعد إنساني ورمزي عميق. في هذا الفيلم، لم تكن “الساقية” مجرّد موقع تصوير، بل تحوّلت إلى رمز للمقاومة، وملتقى للحكايات. من خلالها، نسج المخرج سفيان مهدي تساباست سردًا بصريًا مفعمًا بالإنسانية، بعيدًا عن الخطاب المباشر أو التوثيق البارد. جاءت الكاميرا لتمسح الغبار عن ذاكرة القرى المنسية، والوجوه البسيطة، التي صنعت الفرق في صمت، دون أن تروّج لنفسها. واختار المخرج أن يمنح الصورة حقّها في الحكي، فكان الصمت أبلغ من الكلمات، والمشهد أعمق من السرد. ليست “الساقية” سوى خطوة ضمن مسار واعد تعكف عليه وزارة الثقافة والفنون، من خلال إعادة إحياء السينما الثورية، لا كنوع فني فقط، بل كمكوّن هوياتي يجب أن يبقى حيًّا في الوجدان الجماعي.

س-ع