انطلقت الأحد ، الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية، والتي تم من خلالها انتخاب الرئيس الفرنسي الـ29 في تاريخ الجمهورية الفرنسية الثانية، وبدأ الناخبون الفرنسيون الادلاء بأصواتهم وسط تدابير أمنية
مشددة في الدورة الأولى من انتخابات رئاسية حاسمة لمستقبل الاتحاد الأوروبي، ووسط ترقب شديد لنتائجها التي كان من الصعب التكهن بها، وتم وصف تلك الانتخابات بأنها المنافسة السياسية الأكثر شراسة في تاريخ فرنسا منذ عقود..
توافد منذ صباح الاحد، آلالاف الفرنسيين على مقار اللجان للإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات التى تنافس فيها 11 مرشحا،، وسط إجراءات أمنية مشددة. وفي السياق بلغت نسبة المشاركة في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية 69,42 بالمئة في الساعة الخامسة بعد الظهر بتوقيت فرنسا مسجلة تراجعا طفيفا مقارنة بالجولة الاولى لعام 2012، بحسب ما أفادت وزارة الداخلية الفرنسية. ومن أصل 11 مرشحا تواجهوا في هذه الدورة الأولى، اشتدت المنافسة بين أربعة منهم تصدروا نوايا الأصوات، في المواقف، دعا الرئيس المنتهية ولايته فرنسوا هولاند الناخبين الى “الاثبات ان الديموقراطية اقوى من كل شيء” وذلك لدى الادلاء بصوته صباح الاحد في الانتخابات الرئاسية الفرنسية.
عملية الاقتراع ..جولة الإعادة أقرب التوقعات
تجرى عملية التصويت في الانتخابات الفرنسية على جولتين، الأولى جرت الاحد ، وفي حالة عدم حصول أي من المرشحين على أغلبية مطلقة أكثر من 50% من الأصوات المشاركة في عملية التصويت، سيتم اللجوء إلى جولة إعادة ثانية بين أكثر مرشحين في عدد الأصوات.ومن المقرر أن تجرى جولة الإعادة يوم 7 ماي المقبل، وكانت قد اشارت كافة استطلاعات الرأي إلى أن أي من المرشحين المشاركين لن يتمكن من الحصول على الأغلبية المطلقة، لذلك فإن الوصول إلى جولة الإعادة قد يكون هو أقرب التوقعات، خاصة وانه زاد اتساع دائرة المترددين في التصويت من غموض الصورة في هذه الانتخابات، إذ صعب توقع من سيظفر بتذكرة العبور إلى الجولة الثاني. وتختلف مبررات المترددين في حسم خياراتهم مشاركة أو امتناعا، بينما يعيش اليسار حالة من التصدع جعلت أنصاره في حيرة من أمرهم، وفي السياق أكدت استطلاعات الرأي هذا التردد، حيث لم يحسم ما بين ثلث وربع الناخبين خيارهم، ومثلهم تقريبا يقولون إنهم قد لا يصوتون. وعرفت هذه الانتخابات خروجا مفاجئا لمرشحين اعتبروا مؤهلين، مقابل صعود غير متوقع لآخرين.
استحقاق انتخابي فارق .. ظاهرة ماكرون وتحدي لوبان
بدت الانتخابات الرئاسية الفرنسية هذه المرة مختلفة عن سابقاتها على مستوى المرشحين وبرامجهم، وشبهات وقضايا الفساد المتعلقة ببعضهم، وتغير التحالفات السياسية، إضافة إلى تأثير الأوضاع الأمنية التي شهدها البلاد ومحيطها الأوروبي خلال السنتين الماضيتين.كما احاطت بهذه الانتخابات ظلال النتائج غير المتوقعة لاستفتاء “البريكست” في بريطانيا، والصعود المفاجئ لترمب في الولايات المتحدة بتوجهاته الأقرب إلى اليمينية، وتقدم تيارات أقصى اليمين في استحقاقات انتخابية أوروبية رغم عدم وصولها إلى الحكم.وفي المحصلة، استقرت القائمة على 11 مرشحا للرئاسة، والمتأمل في القائمة، يكتشف أزمة الأحزاب والقوى السياسية التقليدية الفرنسية، فاليسار -وخاصة الحزب الاشتراكي- ظهر مشتتا ومرتبكا، وقد انبرى بعض رموزه -وأبرزهم مانويل فالس، وجان إيف لودريان- لترك مرشح الحزب بونوا هامون، وأعلنوا مساندة “الفتى الذهبي” ماكرون، الذي يتهمه خصومُه بأنه مرشح الرئيس هولاند. كما عاني اليمين بدوره أزمة عميقة جراء اتهام مرشحه فرانسوا فيون ضمن قضية الفساد المعروفة بقضية “الوظائف الوهمية”، لكن المرشح المحافظ لم يترك المنافسة، كما اوحت استطلاعات الرأي العام بأن “الظاهرة” ماكرون الذي لم ينج بدوره من شبهات فساد وتهرب ضريبي، سيكون سيد الإليزيه الجديد، وأنه سيهزم مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، سواء بقوة حضوره أو بفعل التقاليد السياسية الفرنسية التي تجنح في الجولة الثانية لتكتل اليمين واليسار ضد أقصى اليمين.
اللاعبين الرئيسيين الاربعة
يذكر انه ارتفع جليا في السباق نحو قصر اليزيه نجم الشاب إيمانويل ماكرون الذي كان من ابرز المرشحين لرئاسة الاليزيه وهو مرشح مستقل، وأصغر المرشحين سنا، حيث يبلغ عمر ماكرون 39 عاما فقط، وعمل وزيرا للاقتصاد مع الرئيس الحالي فرانسوا هولاند، قبل أن يستقيل العام الماضي، ليبدأ حملته الانتخابية وتأسيس حزبه “الى الامام “. ويوصف ماكرون بأنه “لا يساري ولا يميني”، وبنى حملته الانتخابية على فكرة “تحويل النظام السياسي الفرنسي من سيطرة مجموعات المصالح الكبرى”.ويحظى ماكرون بدعم جهات عديدة في الآونة الأخيرة، خاصة بعد انهيار حظوظ فيون، وبالأخص، بعدما بنى حملته الانتخابية على فكرة تنشيط الاقتصاد الفرنسي، وتشجيع السياسات المؤيدة للأعمال التجارية والليبرالية الاجتماعية، وهو ما منحه نداء وسطيا يفتقر إليه المرشحون الآخرون. ولكن توجه له انتقادات عديدة بأنه عبارة عن “مبعوث سياسي”، ويسعى لاتخاذ تدابير غير شعبية، لن تفيد المواطن الفرنسي على المدى القريب أو البعيد. اما ثاني المرشحين فهي زعيمة الجبهة الوطنية اليمينة المتطرفة، وأحد أبرز من رشحتهم التوقعات للوصول إلى جولة الإعادة. وارتكزت حملة مارين لوبان، الانتخابية على الدعوة للخروج من منطقة اليورو، وتنظيم استفتاء شعبي، حال فوزها بالرئاسة، لخروج فرنسا من عضوية الاتحاد الأوروبي، علاوة على أنها تبنت خططا لخفض الهجرة، ورفع استحقاقات الرعاية الاجتماعية.وفي السياق قالت شبكة “أيه بي سي” الأمريكية إن هناك أوجه عديدة للشبه بين حملتي لوبان والرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خاصة فيما يتعلق وجهات نظرهم في التجارة الحرة، وتجاه حلف شمال الأطلسي “الناتو”، وبشأن قضايا حساسة مثل الهجرة. اما المرشح للانتخابات الرئاسية عن أحزاب اليمين فقد كان فرنسوا فيون الذي كان أبرز المرشحين للفوز بالرئاسة قبل أشهر فقط، خاصة وأنه كان يشغل منصب رئيس الوزراء الفرنسي، وتمكن من الحصول على ترشيح حزب المحافظين باكتساح متفوقا على أسماء مخضرمة مثل الرئيس السابق، نيكولاي ساركوزي.ولكن ظهور فضيحة الفساد المرتبطة بزوجته، غيرت ملامح حظوظه بالكامل، خاصة بعد الكشف والتحقيق في حصول زوجته البريطانية المولد، على وظائف وهمية في البرلمان بدعم منه، واستخدامه الأموال العامة في غير موضعها، وهو ما أخضعه وزوجته لتحقيقات قضائية. في حين يعد المرشح الرئاسي الفرنسي اليساري جان لوك ميلانشون سياسي يساري مخضرم، وازدادت شعبيته بصورة كبيرة في الأونة الأخيرة، بعدما قدم أداء مميزا في المناظرات الانتخابية.
الامن والاتحاد الاوروبي ..ابرز الملفات
في سباق الرئاسة
طرحت في الحملات الانتخابية قضايا عديدة، ولعل أبرزها مشكلة الأمن، بعد الهجمات الإرهابية التي استبقت الانتخابات في الأيام الأخيرة.وفتحت مشكلة الأمن باب الحديث عن قضية بقاء فرنسا في الاتحاد الأوروبي، وإمكانية إعادة النظر في اتفاقية “الشنجن” وإعادة ترسيم الحدود الفرنسية مع جيرانها في أوروبا.وتعد قضية مكانة فرنسا داخل الاتحاد الأوروبي الشغل الشاغل لمعظم الحملات الانتخابية، ما بين الآراء المتطرفة التي تطالب بضرورة خروج فرنسا من الاتحاد ومنطقة اليورو إلى إعادة فرنسا إلى وضعها المميز في الاتحاد،.كما فتحت أزمة الأمن قضية أخرى شائكة، وهي قضية “اللاجئين”، والتي يطالب أكثر من مرشح بضرورة تقييد إجراءات الدخول، بل ووصل الأمر إلى المطالبة بطرد كافة اللاجئين من قبل اليمين المتطرف الذي تتزعمه، مارين لوبان. كما كانت البطالة من بين اهم الملفات المتداولة للمرشحين، خاصة بعد ان وصلت حاليا إلى 10% وهو واحد من أعلى المعدلات في الاتحاد الأوروبي.