فوائد من مجمع الفوائد .. تأملات في سورة الفلق

فوائد من مجمع الفوائد .. تأملات في سورة الفلق

 

الشر الأول: العام في قوله: ” مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ” الفلق: 2… وقد دخل في قوله: ” مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ” الفلق: 2 الاستعاذةُ من كل شرٍّ في أي مخلوق قام به الشر من حيوان أو غيره، إنسيًّا كان أو جنيًّا، أو هامة أو دابةً، أو ريحًا أو صاعقةً، أو أي نوع كان من البلاء.

الشر الثاني: شر الغاسق إذا وقب، فهذا خاص بعد عام، وقد قال أكثر المفسرين: إنه الليل… والسبب الذي لأجله أمر الله بالاستعاذة من شر الليل… أن الليل إذا أقبل فهو محل سلطان الأرواح الشريرة الخبيثة، وفيه تنتشر الشياطين… وهو محل الظلام، وفيه تتسلط شياطين الإنس والجن ما لا تتسلط بالنهار؛ فإن النهار نور، والشياطين إنما سلطانهم في الظلمات، والمواضع المظلمة، والمظالم، وعلى أهل الظلمة.

الشر الثالث: شر النفاثات في العقد، وهذا الشر هو شر السحر. والجواب المحقق: أن النفَّاثات هنا هن الأرواح والأنفس النفاثات لا لنساء النفاثات؛ لأن تأثير السحر إنما هو من جهة الأنفس الخبيثة والأرواح الشريرة، وسلطانه إنما يظهر منها؛ فلهذا ذُكرت النفاثات هنا بلفظ التأنيث دون التذكير، والله أعلم.

الشر الرابع: شر الحاسد إذا حسد. فيه الاستعاذة من شر عين الحاسد، ومعلوم أن عينه لا تؤثر بمجردها لو نظر إليه نظرة لاهٍ ساهٍ عنه… وإنما إذا نظر إليه نظر من قد تكيَّفت نفسه الخبيثة، واتَّسمت واحتدَّت، فصارت نفسًا غضبية خبيثة حاسدة أثرت بها تلك النظرة، فأثرت في المحسود تأثيرًا بحسب صفة ضعفه، وقوة نفس الحاسد، فربما أعطبه وأهلكه. وجاء في السورة ذكر الحاسد دون العائن؛ لأنه أعمُّ، فكل عائنٍ حاسدٌ ولا بد، وليس كل حاسد عائنًا، فإذا استعاذ من شر الحسد دخل فيه العين، وهذا من شمول القرآن الكريم وإعجازه وبلاغته.

ابن القيم