فوائد محتملة له في مقاومة “كوفيد ـ 19”.. مراجعات حديثة حول تناول الأسبرين للوقاية من أمراض القلب

فوائد محتملة له في مقاومة “كوفيد ـ 19”.. مراجعات حديثة حول تناول الأسبرين للوقاية من أمراض القلب

بتفاؤل حذر، قدمت دراسة جديدة لباحثين في جامعة ميريلاند، فائدة محتملة لتناول مرضى شرايين القلب للأسبرين عند إصابتهم بـ “كوفيد – 19”. ووفق ما نشر، فإن مرضى كوفيد – 19 المنومين في المستشفى والذين كانوا يتناولون جرعة يومية منخفضة من الأسبرين للحماية من أمراض شرايين القلب والأوعية الدموية، كانوا أقل عرضة بشكل ملحوظ للمضاعفات والوفاة مقارنة بأولئك الذين لم يكونوا يتناولون الأسبرين، وأقل عرضة لاحتمالات الدخول إلى وحدة العناية المركزة أو التوصيل بجهاز التنفس الصناعي.

ومعلوم أنه غالبًا ما يوصي الأطباء بتناول جرعة يومية منخفضة من الأسبرين للمرضى الذين أصيبوا سابقًا بنوبة قلبية أو سكتة دماغية ناجمة عن جلطة دموية لمنع تجلط الدم في المستقبل.

وقاية أولية ومتقدمة

على صعيد دراسات الأسبرين، قدمت مجموعة باحثين من قسم الممارسات الصيدلانية بكلية الصيدلة في جامعة بينغامتون بولاية نيويورك مراجعتها العلمية لتناول الأسبرين في الوقاية من الإصابة بتداعيات أمراض شرايين القلب.

ورغم حدوث تحسن كبير في نتائج معالجة حالات الإصابة بمرض تصلب الشرايين القلبية في العقود الماضية، إلا أنه لا يزال السبب الرئيسي والأول للمراضة والوفيات على مستوى العالم. كما لا تزال الكلفة المادية في خدمات الرعاية الصحية والأدوية والإنتاجية المفقودة بسبب أمراض الشرايين القلبية، هي الأعلى مقارنة ببقية الأمراض التي تصيب البشر. ووفق ما أفادت به حديثاً رابطة القلب الأمريكية، تبلغ تلك الكلفة المادية في الولايات المتحدة وحدها، دون بقية دول العالم، أكثر من 200 مليار دولار سنوياً. وهو ما يطرح ضرورة بذل المزيد في جهود الوقاية من إصابة الأشخاص السليمين بتلك الأمراض القلبية العميقة الضرر ومنع حصول تداعياتها ومضاعفاتها لدى الأشخاص المصابين بها.

ومما تفيد به رابطة القلب الأمريكية، فإن الأسبرين يعمل على منع تكوين جلطات الخثرة الدموية داخل الشرايين عبر عدة آليات، من أهمها الحد من تراكم الصفائح الدموية. وللتوضيح، تحدث معظم النوبات القلبية عندما يتم وقف إمداد الدم من خلال أحد الشرايين التاجية إلى جزء من عضلة القلب، وذلك نتيجة وجود حالة تصلب الشرايين فيها. وهي حالة مرضية تنجم عن فقد الشرايين مرونة التوسع وتتراكم في جدرانها رواسب المواد الدهنية والكوليسترول ومنتجات الفضلات الخلوية والكالسيوم ومواد أخرى. ومع النمو المتواصل لحجم هذه التراكمات، يضيق مجرى الشريان ويقل تدفق الدم من خلاله بدرجة كبيرة. ولذا يبدأ المصاب بالمعاناة من آلام الصدر كلما زادت الحاجة لمزيد من تدفق الدم إلى عضلة القلب، كما في حالات بذل المجهود البدني أو الانفعال العاطفي، وهو ما يسمى “ألم الذبحة الصدرية”. كما قد يحصل تهتك وتمزق في كتل تلك التضيقات الدهنية، ما يؤدي بشكل سريع إلى تكوين كتلة من الدم المتجلط على سطحها، وبالتالي حصول سدد تام في مجرى تدفق الدم. وهو ما يظهر على هيئة “نوبة الجلطة القلبية”، وهنا يأتي دور الأسبرين في المساعدة على منع تكون جلطات الدم، وربما بالتالي منع الإصابة بالنوبة القلبية.

 

إشكالية علاجية وقائية

ويعتبر التناول الوقائي للأسبرين إحدى وسائل “الوقاية المتقدمة” لمنع حصول تداعيات ومضاعفات أمراض الشرايين القلبية لدى من تم بالفعل تشخيص إصابتهم بها أو تلقوا إحدى وسائل معالجتها الدوائية أو التدخلية بالقسطرة أو الجراحية.

ولكن يظل دور تناول الأسبرين لـ”الوقاية الأولية” من قبل الأشخاص السليمين من أمراض شرايين القلب يمثل “إشكالية علاجية/ وقائية” ويحتاج إلى مزيد من الفهم والتوضيح. والسبب في ذلك مركب من عنصرين، هما: أن الأسبرين هو دواء له جدوى علاجية ثابتة، وفي نفس الوقت له آثار جانبية قد تكون عميقة التأثير صحياً. ولذا فإن في حالات “الوقاية الأولية” لا يكون القرار الطبي بتناول الأسبرين للوقاية الأولية قراراً تلقائياً بناء على ثبوت جدواه الوقائية والعلاجية في حالات مرض الشرايين التاجية الثابتة أو التي سبقت معالجتها، ولا يكون كذلك قراراً يتخذه الشخص السليم بذاته بناء على مجرد بلوغ عمر معين، كفوق الأربعين، بل هو قرار يتخذه الطبيب مع المريض – في أي عمر – بمراجعة عدة عناصر صحية في التقييم الاكلينيكي ونتائج عدد من الفحوصات.

 

مراجعة حديثة

وقال باحثو جامعة بينغامتون في دراستهم الحديثة: “أشارت التجارب السريرية الحديثة التي قيّمت فعالية الأسبرين في الوقاية الأولية من أمراض القلب والأوعية الدموية لتصلب الشرايين، إلى أن خطر الأسبرين قد يفوق فائدته لدى الأفراد الذين كان يعتقد أنهم مرشحون للعلاج الوقائي بالأسبرين. وأدت هذه النتائج بكل من الكلية الأميركية لأمراض القلب ورابطة القلب الأميركية إلى مراجعة الأمر وإصدار توصيات توجيهية محدثة في عام 2019 لاستخدام الأسبرين في الوقاية الأولية من أمراض القلب والأوعية الدموية”.

 

تناول الأسبرين واحتمالات الإصابة بالنزيف الدموي

تقول الكلية الأمريكية لطب القلب ورابطة القلب الأمريكية في إرشاداتها الطبية الحديثة: “تناول جرعة منخفضة من الأسبرين 75 – 100 ملغم عن طريق الفم يومياً للوقاية الأولية من أمراض الشرايين القلبية، يجب ألا يتم من قبل البالغين، في أي مرحلة عمرية، الذين ترتفع لديهم مخاطر الإصابة بالنزيف الدموي”. وتصنف الكلية الأميركية لطب القلب ورابطة القلب الأميركية تناوله في هذه الحالة بأنه من “الفئة الثالثة” وأنه “ضار”.

وتوضح الكلية الأمريكية لطب القلب ورابطة القلب الأمريكية حالات “ارتفاع خطورة الإصابة بالنزيف” بأنها تشمل:

o وجود تاريخ سابق لنزيف في الجهاز الهضمي ، أو قرحة في المعدة أو الاثنا عشر ، أو نزيف من أي موقع آخر بالجسم.

o العمر فوق 70 سنة.

o انخفاض عدد الصفائح الدموية

o حالات اضطرابات التخثر

o مرض الكلى المزمن

o التناول المرافق لأحد أنواع الأدوية التي تزيد من خطر النزيف، مثل: العقاقير غير الستيرويدية المضادة للالتهابات، ومشتقات الكورتيزون، وأدوية منع تخثر الدم.