فهل يتذكر!

فهل يتذكر!

لم تعد تتذكر، بل، اختلطت عليها الأمور، هل كان ما قاله وسمعته منه، حقيقة أو كان مجرد حلم جميل نسجه بصوته العذب، وكلماته الجميلة، الرومانسية والمهذبة…

إن كان حلما أو يقينا،،، فهي لا تتذكر من كلماته إلا بعضا من تلك الكلمات،، علقت بذاكرتها و دخلت قلبها دون أن تطرق بابه، فتلك الكلمات أبدا لم تستأذنها.

إن كان حلما أو حقيقة، لم تفكر لحظة أنه يكذب عليها، أليس كل ما يخرج من القلب يصل القلب!؟، سمعت كلمات منه، من يعرفونها حق المعرفة لوحدهم يقولونها لها…

سافر بها إلى عالمه الواسع وهي قابعة في مكانها، حلق بها في سمائه الصافية، شعرت في حين لحظة أن الحياة لا تسعها فرحا، أدركت حين كان يحدثها عن أحلامه وآلامه، أنه ليس كغيره، متميز ومتميز عنهم، شعرت أنه نصفها الذي طالما انتظرته وتحملت لأجله كل الأقاويل التي يطلقها المجتمع الشرقي على الفتاة التي وإن لم تتعد بعد، باب ربيعها الثاني فهي …..

كانت متيقنة بأنها ستلتقيه يوما، لم تكن تعلم كيف؟ لم تكن تدري متى وأين؟ إلا أنها ستلتقيه يوما ما لأنه هو من تنتظره…

في تلك الليلة المظلمة، تلا على مسامعها قصيدة كلماتها بسيطة غير أن إحساسها أقوى. قال إنه، شعر وأحس بقصيدته لأنها كانت معه وهو يكتب كلماتها، وإن فصل بينهما فاصل …

تلفظ، بين ثنايا أبيات قصيدته وهو يقرأها لها، باسمها، تلفظ به بحنان كبير وحب أكبر، لا تسألوها عن إحساسها، عن مشاعرها، فهي أقوى منها، وأيضا، لا يمكن أن تصل إليكم لأنها مشاعرها هي وفقط…

وهما يتجاذبان أطراف الكلام الذي كان هو قائده، لأنها لم تنطق بحرف، لربما كانت خائفة من أن يكون حلما توقظها منه كلمة تنطقها. كانت تكتفي حتى لا تشعره بأنه يتحدث لوحده بـ “ت أو ت، ت” … تذكر في لحظة ما، أنه كتب يوما ما قصة وهو صغير، أخبرها بأنه عجز عن مواصلة كتابة نهايتها ولا يدري لما! فعرض عليها مرة أخرى أن يقرأها على مسامعها، فرحت ولم تمانع فبصوت ملائكي هادئ كسر من سواد الليل الحالك المخيف، جاعلا منه عالما ورديا خاصا بهما، هو وهي… راح يسرد عليها قصته البريئة وهي من ذلك المكان، تتخيل الأشخاص وترسم ملامحهم وتشاهد بمخيالها كيف تجري وتدور أطوار القصة التي يرويها الحبيب…

أحبت القصة لأنها منه، وان لم يقل بأنه عاشها، أو أنه كان يتمنى لو كان هو، عشقتها وتمنت لو أنه لم يسكت، لم يتوقف عن الحديث فهي تود صوته الذي تحسه ملجأ أمان….

لن تحدثكم أكثر، لأن الليل كان لا يزال طويلا وحديث المحبين متواصل، غير أنها لا تتذكر ما قيل أيضا، فهي إلى حد الساعة لا تعلم إن كان حلما أو علما… فهل يتذكر!

 

أميرة صحراوي