فنانون يتحدثون لـ “الموعد اليومي” عن واقع الكوميديا في الجزائر… “منح المشاريع الفنية للدخلاء سبب تدني مستوى الأعمال المقترحة”

elmaouid

عرفت الأعمال الكوميدية في السنوات الأخيرة وخاصة المنتجة من الجيل الجديد نوعا من الابتذال والارتجالية، تعتمد غالبيتها على التهريج وتخدش الحياء ولا يمكن لأفراد الأسرة الواحدة متابعتها معا كما كان في

السابق مع الجيل القديم الذي كان يركز على المحتوى وإيصال رسالة هادفة للمجتمع بكل شرائحه بطريقة كوميدية.

وللحديث عن حال الكوميديا اليوم في الجزائر، اتصلت “الموعد اليومي” ببعض الفنانين خاصة من الجيل الجديد الممارسين للفن الكوميدي وعادت بالموضوع التالي…

 

مراد صاولي: الممثل خارج نطاق الاتهامات

 

الممثل الكوميدي غير مسؤول عن مستوى العمل ومحتواه، بل هو مسؤول عن طريقة أدائه للدور، والمسؤولية الكبرى في تدني مستوى هذه الأعمال ترجع إلى المخرجين والمنتجين الذين يعتمدون على المحاباة في اختيار الفنانين لتجسيد هذه الشخصيات ولا يبحثون عن الفنان الموهوب الذي يؤدي دوره بإبداع، ولرفع مستوى أعمالنا الفنية لابد من منح المشاريع الفنية للمبدعين الحقيقيين ولابد من نقل واقع الجزائريين بمصداقية ودون تجاوزات، ولا يهم الانتقاد السلبي لهذا الواقع بقدر ما يهم احترام المشاهد في استعمال الألفاظ وتجسيد الدور.

 

محمد خساني: لا ننكر وجود جيل جديد رائع

 

لا يمكن أن ننكر أن هناك جيلا جديدا يقدم الأعمال الكوميدية بطريقة صحيحة. وباعتباري فنانا كوميديا أحاول في كل مرة ترك بصمتي في هذا المجال وأحتك بالقدامى لكسب الخبرة، لأن مثل هذه التجارب تمكنني من معرفة خبايا هذا الفن، وتقديم الأفضل. فقط أقول إننا نحتاج إلى دعم من أجل تقديم أعمال في المستوى. وأيضا لابد من مد يد المساعدة للموهوبين في الكوميديا لتقديم إنتاجات من شأنها الرفع من مستوانا في هذا الميدان، ولا يمكن أن نتجاهل وجود دخلاء على هذا الميدان يشوهون الكوميديا ويقدمون أعمالا هابطة فيها من التجريح أكثر من الفكاهة وإضحاك الناس.

 

كمال عبدات: في كل وقت هناك الجيد والرديء

 

لا يمكن أن نتهم الجيل الجديد بتقديم أعمال رديئة، لأن في كل وقت هناك فنانون جادون وآخرون دخلاء على الفن، لكل واحد منهم نظرة معينة للفن. وباعتبار الفن الكوميدي يتطلب إبداعا أكثر لأنه يساهم في إدخال الفرحة إلى قلوب الناس والترفيه عنهم، وهذا ليس بالأمر السهل خاصة أمام الظروف الصعبة التي تعيشها بلادنا في مختلف المجالات. ولا يمكن أن نتنكر لجيل جديد يعمل المستحيل للرفع من مستوى الأعمال الفنية الكوميدية، والواقع الحالي الذي تعيشه الجزائر من مختلف الميادين يختلف عن السنوات الأخرى ونقل هذا الواقع السلبي بطريقة ساخرة عبر الأعمال الفنية لا يعجب أصحاب القرار، لذا في كل مرة يتعرض الفنان الكوميدي إلى ضغوطات تدفعه للتخلي عن هذه الرسالة من أجل الاستمرارية وتجده لا يتحصل على أدوار في المستوى.

 

 

كمال بوعكاز: الجيل الحالي يركز على التهريج

 

الكوميديا التي كان يقدمها الجيل السابق من الفنانين تحمل رسالة نبيلة وهادفة رغم أنه في سنوات التسعينيات كانت الجزائر تمر بظروف أمنية صعبة، ما صعب على الفنانين إدخال الفرحة إلى قلوب الناس، لكن هذا الجيل (الجيل القديم) بذل قصارى جهده من أجل تحقيق هذا المبتغى، على عكس الجيل الحالي الذي يركز على التهريج وينقل كل شيء دون تخطيط محكم، وتجاوزت عدة أعمال فنية حدود الطرح السليم للمواضيع وأصبحنا نخشى على أسرنا وأبنائنا من هذه الأعمال المبتذلة التي تنقل أشياء غير محترمة وتخدش الحياء من باب الفكاهة والترفيه عن النفس، ولذا دائما تتلقى أعمالنا الكوميدية الانتقادات اللاذعة.

 

زوبير بلحر: أبذل قصارى جهدي لرفع المستوى

 

الفنان الكوميدي يبذل قصارى جهده في كل عمل يقدمه للرفع من مستوى هذا الفن، لكن قلة الإمكانيات تجعل البعض من هؤلاء الفنانين يقدمون أي شيء دون وضع في الحسبان إساءتهم لهذا الفن الأصيل الذي قدم من خلاله الجيل القديم عدة رسائل. ونحن كجيل جديد متمكن نبحث دائما عن أعمال ذات مستوى رفيع حتى تصل أعمالنا إلى أعلى المستويات، ولابد من وجود حصص تسمح للموهوبين في هذا المجال بإبراز موهبتهم بأعمال جيدة. وفي الجزائر نعاني من نقص فادح في هذا النوع من البرامج، وهناك حصص بدأت في هذا الميدان ولم تستمر كما هو شأن مثيلتها في الخارج. ولهذا أصبح الفنان يهتم بهذه البرامج التي تقدم في البلدان الأخرى لاكتساب خبرة أكثر.

 

 

حسان بن زراري: التخصص في الفن يقتل الإبداع

 

الفنان مطالب بتنويع أدواره ولا يقتصر فقط على الأدوار الكوميدية، لكن هناك من الفنانين من يفضل الظهور في أعمال دون الأخرى. والتخصص في مجال معين من الفن يجعل الفنان يقتل إبداعه ولا يذهب بعيدا ويتوقف في منتصف الطريق، إذ هناك من الجيل السابق من قدم الكثير من الأدوار الفكاهية مع ظهوره في عدة أدوار درامية واجتماعية. وبدوري قدمت عدة أدوار في عدة مجالات تاريخية، اجتماعية وطنية، وكوميدية، ووجدت نفسي فيها كلها، لأنني مطالب بتقديم ذلك وبإبداع كبير، وكل شخصية أجسدها أجعل الجمهور يتمتع بمتابعتها ولا يمل منها. ولا يمكن أيضا أن نتنكر لوجود جيل جديد مبدع، فقط أطالبه بالاحتكاك بالقدامى حتى يكسب الخبرة والمزيد من الأمور التي تفيده في مساره الفني. وعلى المنتجين والمخرجين أيضا أن يهتموا بالموهوبين في مجال الفن ولا يقتصر تعاملهم مع الدخلاء، وهذا ما أدى إلى تدني مستوى فننا. والفن الجزائري بصفة عامة يحتاج إلى إعادة النظر في سياسة تسييره والتعامل مع المبدعين بحكمة ومنح المشاريع لمستحقيها من المبدعين الحقيقيين في مجال الفن، وهذا ما نحتاجه في الوقت الحالي، واختيار العمل الفني ومن يقوم به ضروري جدا لتقديم أعمال فنية في المستوى.

 

 

الكوميدية سالي بن ناصر: لا أحب التخصص

الكوميديا تجري في عروقي، وأنا بطبعي مرحة وأحب أن أدخل الفرحة إلى قلوب الناس، والفن هو الوسيلة الوحيدة التي تمكنني من الوصول إلى هذا المبتغى، لكن هذا لا يفرض علي التخصص في الكوميديا حتى لا يمل مني المشاهد، لأن لي طاقات يمكن تفجيرها في أعمال فنية مختلفة وليس بالضرورة أن تكون كوميدية. وواقع الفن الكوميدي في الجزائر ولجه عدة دخلاء على الميدان أساءوا له بأعمال رديئة، وهؤلاء لا يهمهم محتوى هذه الأعمال بقدر ما يهمهم ما يكسبونه من ورائه. وأنا لا أحبذ لوم الفنان على هذا التدني لأنه غير مسؤول عن ذلك. وأيضا تجاهل المسؤولين لهذا الوضع المزري لا يعجبني، فالمهم عندهم ألا تنتقدهم بالسلب (لا تنتقد المسؤولين في الأعمال الفنية)، أما الأمر الآخر فلا يهمهم، وهذا ما جعل كل الأعمال الفنية تتعرض لانتقادات لاذعة ولا تحظى بنسبة مشاهدة كبيرة. ولابد للمسؤولين الكبار عن القطاع من وضع حد للتجاوزات في مجال الفن وولوج العديد من الدخلاء لهذا الميدان، بدل فرض الحصار على الفنان المبدع الذي لا يجد من يتعامل معه ويقدم له فرص عمل لتفجير طاقاته الإبداعية.