فلسطين… أغنيات على مسارح العالم

فلسطين… أغنيات على مسارح العالم

استدعت المجازر التي ارتكبها الكيان الصهيوني في غزة، الأغنية السويدية “تحيا فلسطين”، ليتردد صدى كلماتها في أهم ميادين العالم، ويتعرف إليها كثير منا ربما لأول مرة، بعدما غزت مواقع التواصل الاجتماعي، لتؤكد من خلال حضورها الطاغي تفوق الرمزية الغنائية، وقدرتها على الانتشار والتعبير، ربما أكثر من وسيلة أخرى.

وقُدمت “تحيا فلسطين” لأول مرة في حفل بالعاصمة السويدية استوكهولم، من خلال فرقة “الكوفية” التي أسسها جورج توتاري، وهو فلسطيني هاجر للبلد الأوروبي سنة 1967، ليطلق أغنيته في عام 1978، بغرض تنبيه المجتمع السويدي إلى قضية بلده الأم.

ومنذ إذاعة الأغنية، وهي تُلاحَق بتهمة معاداة السامية، بعدما حرض اللحن البسيط والإيقاع الحماسي على تكرار حضورها مع كل حراك أو حدث يرتبط في فلسطين المحتلة. ففي عام 1987 غنتها “الكوفية” في حفل بالقدس، تزامناً مع الانتفاضة الأولى، ليلاحق الصهاينة أصحابها بالاتهامات.

وفي عام 2019، رددها متظاهرون ينتمون إلى الحزب الاشتراكي السويدي في اليوم العالمي للعمال، ليتهمهم رئيس الوزراء آنذاك بأنهم معادون للسامية داعياً، إلى حظر الأغنية، بينما عقد البرلمان جلسة وقتها بغرض مناقشة محتوى الأغنية، والحكم ما إذا كانت كلماتها معادية للسامية. مع ذلك، ورغم الحصار، عادت “تحيا فلسطين” اليوم بصوت مغنيتها كارين أولسن بصورة أوسع من أي مرة سابقة تم استدعاؤها فيها.

إلى جانب تلك الأغنية الأيقونية، اجتذبت القضية الفلسطينية العديد من المغنين الغربيين الذين أطلقوا أغنياتهم بلغاتهم الأجنبية، نصرة للحق الفلسطيني، مُتَحدِّين في أحيان كثيرة نفوذ اللوبيات الصهيونية في بلدانهم، ليواجه عدد منهم مضايقات ليست بالهينة.

من أبرز هذه الأغاني أغنية الفرنسية – التشيلية آنا تيغو، التي أطلقتها بالتعاون مع مغنية الراب البريطانية، من أصل فلسطيني، شادية منصور، تحت اسم Somos sur، وهي من الأغاني التي تداولها كثيرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تزامناً مع بدء العدوان على غزة، رغم أنها تعود إلى سنة 2014.

ومن الأغاني التي عاودت الانتشار هذه الأيام، أغنية My Name is Palestine، للمغني البريطاني غاريث هويت، وكان قد أطلقها في عام 2019، لتحقق وقتها صدى واسعاً أزعج دولة الاحتلال، فانطلقت حينها بعض الألسنة المحسوبة عليها بالنقد والاتهام للمغني الإنجليزي.

ومن استوديوهات بريطانيا أيضاً، أطلقت أغنية Long live Palestine بأجزائها الثلاثة لمغني الراب الإنجليزي من أصل عراقي، لوكي، الذي جابه حملة صهيونية جاءت أعنف كثيراً، فمنذ أن صدرت الأغنية قبل ما يزيد عن ثلاث عشرة سنة، والرابر الإنجليزي يواجه هجمة شرسة من قبل اللوبي الصهيوني بالمملكة المتحدة.

نتيجة لانتشار أغاني لوكي على نطاق واسع، قامت منظمة صهيونية تدعى “نحن نؤمن بإسرائيل” بملاحقتها، داعية إلى حذفها من منصة سبوتيفاي.

باللغة الإنجليزية أيضاً، أطلقت فرقة “دين سكواد” الكندية، الشهر الماضي، أغنية Palestine Will Be، وتعود فرقة الهيب هوب إلى كل من كارتر زاهر وجاي دين، اللذين أسساها في 2015. ومنذ انطلاقها، يغلب على أغانيها الطابع الإسلامي، لكن هذا لم يمنع من انتشارها، إذ تجاوز عدد المشاهدات لأحد أشهر أغنياتها، “حلال”، 200 مليون مشاهدة.

ومن النرويج، وبكلمات قوية ومعبرة، أدان المغني دون مارتن سياسة الفصل العنصري التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وذلك في أغنيته Boycott Israel، الصادرة منذ سنوات عديدة.

ومن بين الأغاني التي دعمت الحق الفلسطيني أيضاً، أغنية “فلسطين حرة”، التي أطلقها مغني الراب البوسني يوسف دزيليك. انتقدت كلمات الأغنية دولة الاحتلال، بسبب ما ارتكبته من مجازر بحق المدنيين خلال عملية الرصاص المصبوب.

أخيراً، في اسكتلندا، انطلقت حناجر مشجعات نادي سيلتك لكرة القدم، تتغنى بفلسطين من خلال أغنية المقاومة الإيطالية الشهيرة “بيلا تشاو”، ليهتفن: “نحن اسكتلنديات، ونحن نغني… بيلا تشاو، بيلا تشاو، نحن نغني لفلسطين ولن نُمنع”، متحدياتٍ بذلك تحذيرات الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على النادي، بسبب سلوك مشجعيه المتكرر والداعم للقضية الفلسطينية، ليعاودوه في أكثر من مباراة، في إشارة إلى أنه لا سلطة بمقدورها حرمان الشعوب من حقها في التعبير عن غضبها تجاه جرائم الإبادة الجماعية، وأن كل أغاني الثورة والمقاومة اليوم هي لفلسطين حتى لو لم تكتب لها.