طوال شهر رمضان عزفت معظم الدراما المصرية لحنا جماعيا حزينا ومغلفا بالأكشن على أوتار أزمات الفساد المادي والأخلاقي والمهني الحادة التي على ما يبدو قد فرضت نفسها قسرا في قلب الزحام الدرامي المشتعل
بجذوة القتل والدمار والتشريد. ومن المسلسلات التي كشفت عن كثير من الفساد أو عورات المجتمع المصري، مسلسل “عوالم خفية” تأليف أمين جمال، محمد محرز، محمود حمدان وإخراج رامي إمام، وبطولة النجم الكبير عادل إمام الذي استطاع هذا العام أن يقدم واحدا من أهم وأجمل الأعمال الدرامية المعروضة، ويمتع الجمهور بوجبة درامية سريعة الإيقاع، ساخنة الأحداث.
وانتصر لمهنة الصحفي، وأُعلي من شأنها، وقدم صورة براقة للصحفي الهمام الذي يحارب الفساد بضراوة للقضاء عليه من جذوره داخل كل الوزارات والمؤسسات، من خلال أدائه لشخصية الصحفي هلال كامل الذي أصبح حلما وقدوة لكثير من شباب مواقع التواصل الاجتماعي الذين كتبوا منشورات كثيرة تشيد بالمسلسل وبشخصية هلال كامل، الذي تمنى كثير منهم تقليده، خاصة أنه أصبح بطلا قوميا بعد أن كشف من خلال الحلقات كثيرا من ملفات الفساد التي لم تتطرق إليها الأعمال الدرامية بهذا العمق من قبل داخل وزارات الصحة، التضامن الاجتماعي والتربية والتعليم، إضافة إلى فساد بعض المرشحين للانتخابات.
ومن القضايا الحساسة التي كشف عنها نقاش هادئ ورزين بين هلال كامل واللواء مندور ودراز رئيس تحرير جريدة “نبض الشعب” التي يعمل فيها هلال، مصادر تمويل القنوات الخاصة، حيث دار النقاش على استحياء ودون الدخول في التفاصيل عن مصادر تمويل الفضائيات الخاصة، حيث لم تزل الأسئلة الخاصة بهذا الملف معلقة لا تجد من يقدم إجابات واضحة عن مصادر التمويل وأهدافه، خاصة كما جاء في إحدى الحلقات أن تأثير الإعلام سواء صحافة أو فضائيات أعمق وأشمل، خاصة أن الهمسات كثيرة، ومنها ما يمس سمعة بعض الإعلاميين ومنها ما يتحدث عن مئات الملايين التي تنفقها بسخاء شخصيات مصرية هاربة تعيش في الخارج لبث أفكار هدامة وعادات غريبة وشاذة علي المجتمع المصري، خاصة بين الشباب.
ولم يكتف هلال كامل بقضية التمويل سواء في الصحف الخاصة أو الفضائيات فقط، ولكنه فضح أيضا الدعاة الجدد الذين لا يلتزمون بالمظهر التقليدي لرجل الدين، والذين ظهروا في حياتنا منذ عام 2000 وبعضهم، كما وضح، في عوالم خفية له أجنداته الخاصة، وبعد اقتصادي نفعي في استخدام الدين لتحقيق مكاسب اجتماعية واقتصادية خاصة، كما ربط بينهم وبين تجارة الأعضاء.
ما فعله الزعيم لم يمر مرور الكرام، فقد شنت بعض القنوات والمواقع الإخوانية هجوما ناريا عليه.
