أكد عديد المختصين خلال الندوة التاريخية، التي نظمت بجامعة الجزائر 2 ببوزريعة، الأربعاء، حول تجريم الاستعمار الفرنسي وفق القوانين الدولية، أن مختلف الجرائم التي مارستها فرنسا الاستعمارية لا تسقط بالتقادم، فهي تحاول بكل الطرق طمس الحقائق بالاستحواذ على الأرشيف، وجعل أبناء الشعب مأجورين تابعين لها، وهذا لبسط نفوذها لخدمة مصالحها، وهذا ما تقوم به في كل مستعمراتها بإفريقيا، مشددين على ضرورة محاربة أفكار النيوكولونيالية، التي تهدف لاستغلال أبناء الشعوب للاستمرار في هيمنتها.
بن براهم: فرنسا تحاول خلق الفكر النيوكولونيالي لجعل الجزائر تابعة لها

أوضحت رئيسة الشبكة الوطنية لمناهضة النيوكولونيالية، فاطمة الزهراء بن براهم، أن فرنسا تحاول خلق نظام سياسي في الجزائر تابع لها، من أجل أخذ أماكن في الدولة، وبالتالي فرض أفكار فرنسا بعقول جزائرية وهذا هو الفكر النيوكولونيالي، مثلما هو مطبق في العديد من الدول الإفريقية، قصد تسيير سياساتها وبسط نفوذها أكثر، فكمال داود وصنصال، كانوا صوت فرنسا بالجزائر وهذا الأخير طبقت عليه المادة 87 من العقوبات، لكون كل عناصر الجريمة متوفرة فيه، وبالتالي الشيء الذي قامت به بلادنا قانوني. وأضافت بن براهم، أن فرنسا تريد نسيان ما فعلته ببلادنا، فقبل 1830 كانت تأخذ موادها الغذائية من الجزائر، وحدثت مشكلة تجارية فلم تكون قادرة على دفع ديونها، نظرا لفقرها، واحتلت الجزائر واستولت على كل مواردها، حيث أخذت حينها 68 طن من الذهب، إضافة إلى الفضة، وكل المجوهرات على متن باخرتين معبأتين، وبالمقابل كانت آنذاك العملة الجزائرية أغلى من الفرنسية، ففي البداية أخذوا الأموال وفي 1962 استولوا على الأرشيف لمحو الذاكرة، كما أنه خلال الثور ارتكب المستعمر مجازر، وبعد مغادرتهم الجزائر فكروا بطمس كل الحقائق، بجعل أبناء الشعب عملاء لهم. وأفادت أن فرنسا فرضت قانون 1999، الذي عوض قانون 1998، واعتبرت ما قامت به في مستعمراتها بالحرب، للدخول في اتفاق جنيف، لنسيان جرائمها، لأنه في الحرب كل شيء مباح، وأمام كل هذه المعطيات نجد أن مستقبل فرنسا هي الجزائر وأوروبا هي إفريقيا، وحاليا لم يبق للجمهورية الفرنسية ركائز، لأن ساستها قاموا بتحطيمها. مشيرة بأن الحرب حاليا ليست بالسلاح، بل بالوثائق والأفكار، وهناك الكثير من المؤرخين والقانونين الجزائريين يسيرون في هذا الاتجاه، ولن ننسى الحقيقة التاريخية، فالمشغل في يد الشباب، الذي يحب عليه مواصلة الحرب لاستعادة الأرشيف.
نورالدين بن براهم: الجيل الحالي يمتلك كل القيم لمعارضة الفكر الاستعماري الجديد

من جانبه أوضح، رئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني، نورالدين بن براهم، أن المرصد يهتم بالسياق الدولي وعلى القوى الحية للالتفاف حول منظومة القيم، لمواجهة الفكر النيوكولونيالي الجديد، وهناك عدة آليات التي تدين الاستعمار، وبالتالي نقول بأن الجيل الحالي يمتلك كل القيم، خاصة وأننا أمام تحولات سريعة وكذا أقلام مأجورة، ما يجعلنا امام حالة وعي للوقف مع اصوات تعارض هذا الفكر الجديد. وأضاف بن براهم، لبحث المرصد عن الديناميكية، قصد لملمة الأحزاب والجمعيات لمناهضة هذا الفكر، الذي يحاول السيطرة اقتصاديا على الدول، والمرصد منخرط مع الكثير من الجمعيات العالمية، لإدانة هذه الهيمنة ببعدها الذهني، وأن ما حدث من تفجيرات نووية بالصحراء، ستبقى أثارها ممتدة لسنوات طويلة. بدورها أفادت الكاتبة الفرنسية، إليزابيث فاهة: أن الشيء الذي دفعها للتخصص في التاريخ، هو محاولة معرفة ما حدث في الجزائر أثناء الثورة التحريرية، حيث كان والدها جنرال، ومارس التعذيب ضد الجزائريين، وهو الأمر الذي اكتشفته في الصور التذكارية التي بحوزته، حيث لم يقر بالحقيقة المؤلمة إلا بعد محاولات كثيرة، كما أن والدتها كانت تقول لها، بأن الجزائر وردة لا تستحق أن يعيش عليها مثل أولئك البشر، ما دفعها للغوص في تاريخ الجزائر للاضطلاع على الحقيقة، وهو ما اكتشفته في العديد من الكتب التاريخية.
نادية حدار
