فداك يا فلسطين.. يا أبناء ديار الإسراء والمعراج

فداك يا فلسطين.. يا أبناء ديار الإسراء والمعراج

يا أبناء ديار الإسراء والمعراج، يا أبناء بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، مِنَ الجليل إلى الخليل، ومن جنين إلى غزة، لا، بل في كل أرجاء فلسطين: يزفُّ شعبُنا في هذه الأيام الشهداء من أبنائه المكرمين، المكرمين عند الله تعالى؛ ألم يقل سبحانه في حقهم: “وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ” آلِ عِمْرَانَ: 169-170، قدَرُنا في هذه الديار المبارَكة التي كرَّمَها اللهُ بإسراء الحبيب الأعظم، صلى الله عليه وسلم مِنْ أول مسجدٍ وُضِعَ في الأرض، إلى ثاني مسجد وُضِعَ في الأرض “مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ” الْإِسْرَاءِ: 1، لتكتسب هذه الديار المبارَكة على مستوى العقيدة والإيمان والإسلام قدرًا عاليًا عند الله تعالى، ومنزلةً كريمةً لأهلها والمرابطين فيها، والذائدين عن ترابها وعن مقدساتها، بأغلى ما يملكون؛ دمائهم الزكية، وأرواحهم الطاهرة، فصلاةُ اللهِ وسلامُه على أرواحهم الطاهرة، التي ارتفعت إلى العلا والمعالي، معلِنةً لكل المسلمين في هذا العالَم أن المرابطينَ في هذه الديار، وأنَّ أبناء الإسلام في هذه الديار وأن أبناء فلسطين قد نذروا أنفسهم لله تعالى، يَذُودُونَ عن قدسهم، وعن مقدساتهم، وعن كرامة الأمة الإسلاميَّة حيثما كانت هذه الأمة.

إن صراع الحق مع الباطل، وكراهية الباطل للحق أمران قرينان، فلا تخلو هذه الدنيا من الحق وأهله، الذين يذودون عن الحق، في كل زمان ومكان، ويحملون لواء الحق في جميع الأوقات والأحوال، فلا غرابةَ أن تكون مواكب الشهداء تترى في هذا الديار المبارَكة، نترحم على أرواحهم الطاهرة، من علياء منبر المسجد الأقصى المبارَك، أُولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث المساجد التي لا تُشَدّ الرحالُ إلا إليها، ضارعينَ إلى الله تعالى أن يُكرِمَهم ويُنزِلَهم الفردوسَ الأعلى من جِنانه؛ “مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا” النِّسَاءِ: 69. صبرًا أيها الأبطال؛ فإن النصر قادم، وإن الحرية قادمة، ولا بدَّ لفجر الليل المظلم أن يبزغ من ظلمات هذا الليل.