فداك يا فلسطين.. وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ

فداك يا فلسطين.. وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ

قبل أن يكون في الأرض كنيسة أو معبد، كانت قواعد البيت الحرام قد أُرسيت على يد سيدنا إبراهيم عليه السلام، وبعد أربعين سنةً بُني بيتٌ مُقدَّسٌ، بأمر من الله سبحانه وتعالى؛ فكان بَيْت الْمَقدسِ، المسجد الأقصى مكان قدسه الله وشرفه، مسجد يسكن قلب كل مسلم، ومهما بَعُدَتِ الشقةُ، وتسلط الأعداء عليه فقد ذكره الله تعالى في القرآن الكريم، بلفظ الأرض المقدَّسة، والمسجد الأقصى، وباركه وما حوله، وهو قبلة المسلمين الأولى، في المسجد الأقصى المبارَك صلى النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة الإسراء ركعتين، وكما كان الأقصى مبدأ معراجه عليه الصلاة والسلام فسيكون أرض المنشر والمحشر للناس جميعًا. بَيْت الْمَقدسِ لا يدخله الدجال، وإليه تشد الرحال، فالمسجد الأقصى حق خالص للمسلمين وحدهم، وقضيته قضية المسلمين أجمعين، فنسب المسجد الأقصى ملتصق بنا، لنا وحدنا، نحن أمة الإسلام، نحن الأمة الوارثة، وهذه عقيدة دينيَّة، وحقيقة تاريخيَّة، ورواية أصلية جلية، فالأقصى الذي باركه الله تعالى وبارك ما حوله، هو مكان لعبادة المسلمين وحدهم، ولا عمارة فيه إلا لأهله، ولا وجود فيه لغير المسلمين. اللهمَّ احفظه من كيد الكائدين، وطمع الطامعين، واجعله عامرًا بالإسلام والمسلمين، وعلى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن يتركوا الخلاف، ويتوحدوا؛ فأسباب الوحدة متوفرة، ولكن بحاجة إلى نية وعزيمة وإصرار، وكيف لا تتوحد هذه الأمة وتجتمع في قالب واحد، مع أن ربها واحد، ورسولها واحد، ودينها واحد، وشريعتها واحدة، وقبلتها واحدة، وأقصاها واحد، وكذلك عدوها واحد، وإن تعددت أنيابه، وتنوعت مخالبه، وتشتت آماله ومآربه، واختلفت أهدافه وغاياته، بل إن أمة الإسلام وبالمعنى الجوهري للإسلام من لدن آدم عليه السلام، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها هي أمة واحدة، يقول الباري: “وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ” الْمُؤْمِنَونَ: 52، فالأصل هو هذا، فلا يليق بأمة الإسلام أن تغرق في خلافات جانبية، ونظرات إقليمية؛ فلتقدم مصالح الأمة على مصلحة فرعيَّة، وأن تسمع نداءات الحق والعدل، والله يقول “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا” آلِ عِمْرَانَ: 103.