فداك يا فلسطين.. ولكنكم غثاء كغثاء السيل

فداك يا فلسطين.. ولكنكم غثاء كغثاء السيل

ظل العالم الإسلامي بأسره مئات الأعوام وهو متجانس متماسك يشدّ بعضه أزر بعض، ومنذ فقدان الأندلس ومن ثم ضعف وسقوط الخلافة العثمانية – أخذت أرض الإسلام تنتقص من أطرافها؛ ففقدت أقطار وأمم وانتهكت محارم ومقدسات ودارت رحى الحرب على المسلمين وتداعت عليهم الأمم والشعوب، وصدق رسول الله “يوشك أن تتداعي عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها”، قالوا: أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال “بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن”، قالوا: وما الوهن؟ قال: “حب الدنيا وكراهية الموت” أخرجه أحمد وأبو داود. نعم: إنه الوهن وهو سر الضعف الأصيل حين يعيش الناس عبيدًا لدنياهم، عشاقًا لأوضاعهم الرتيبة، تحركهم الشهوات، وتموج بهم وتسيّرهم الرغائب المادية. إنه الوهن حين يكره المسلمون الموت ويؤثرون حياة ذليلة على موت كريم، تلكم باختصار وصف لحال أمتنا العربية الإسلامية التي تبلّد حسها بالرغم من كثرة مصائبها التي طالت شعوبها وأراضيها بل وحتى مقدساتها، وتغيب الأمة عن قضاياها؛ لتفقد الخلق والإرادة، وتزعزع روح التدين والأخلاق؛ فكيف كانت النتيجة؟! نعم كيف كانت النتيجة؟! لقد أصبحت الشعوب العربية الإسلامية غثاءً وركاماً لا تملك حولاً ولا طولاً ولا قوة في مواجهة أعدائها، هذا إن عرفت عدوها حقّ المعرفة. إنها فلسطين حيث صور الدمار والدماء والجثث التي لا تملك وأنت تطالعها أو تسمع عنهم إلا أن تتساءل: أين غابت نخوة المسلمين؟! بل أين غابت نخوة العرب؟! أين غابت الثروات؟! هل تبلد الشعور في نفوسنا أم انطفأت جذوة الحماس في قلوبنا؟! تُرى هل أمتنا غير تلك الأمة التي نطالع مجدها ونقرأ تاريخها الحافل بالانتصارات والتي تغنّى بها الشعراء؟! إنها أسئلة بلا إجابة. إنها نكبة النكبات، إنها فلسطين في زمن التخاذلات، فلسطين التي يدمى جرحها كل يوم؛ فماذا فعلنا لها؟ ماذا قدمنا من تضحيات؟! ماذا فعلنا لها؟! وماذا فعلنا وحققنا بالتنازلات؟!