حين يُرى الحال الذي عليه أمة التوحيد، وما به الإسلام والمسلمون من اضطهاد وانكسار، وحرب تُقام كل يوم من أعداء الإسلام على الدين الإسلامي وأهله؛ يتولَّد في قلب كُلِّ مُحِبٍّ لله، حريص على دينه، عصرةُ ألم، ويتساءل: كيف لي أن أنصر ديني؟ وما الذي يمكنني أن أقدمه لإعلاء راية الإسلام؟ ولعل البعض يقول: من أنا حتى أستطيع الوقوف للصد عن الدين من كيد الكائدين؟! ولكن الحقيقة أن نُصرة الدين تبدأ من عند كل مسلم، إن كل غيور على الإسلام لا بد أن يعلم أنه لبنة فيه، فلا يسمح أن تأتي الضربة للإسلام من قبله، وليكن على يقين أن بداية النصر تبدأ من عنده بنصر الدين، وإقامته في داخله. إن سنة الله سبحانه وتعالى في كونه أن النصر للمتقين الذين اتَّبَعوا رضوان الله، والهلاك للمعرضين عن الله سبحانه وتعالى، وعن أوامره. ولقد هُزِم المسلمون في غزوة أُحُد رغم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بينهم؛ بسبب عصيان الرُّماة لأوامر النبي صلى الله عليه وسلم، ولقد عاتبهم الله في ذلك، قال تعالى ” وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ” آل عمران: 152، إن عصيان الرُّماة، واتجاههم نحو الغنائم “مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا” كان سببًا من أسباب الهزيمة التي لقاها المسلمون بعد رؤيتهم للنصر. حين يبتعد كل مسلم عن طريق الحق والهداية، ويتَّبِع هواه؛ يكون سببًا في هزيمة الإسلام، ويجب ألا يُسْتهان بذلك، فإذا كل فرد قال: “ما ضَرَّ القوم بي”؛ يصبح المجتمع كله على هذا المنوال. وقد سُئل النبي صلى الله عليه وسلم: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: “نعم، إذا كثر الخبث”. فصلاح الأمة الإسلامية بصلاح أبنائها، وبداية إقامة الدين على الأرض بإقامته في القلوب أولًا. وختامًا نقول: إن الأمة جريحة وأنت تزيد الجرح بتفريطك في أوامر دينك، فلا تكن حملًا على الإسلام، ولا تكن أنت السهم الذي يُرمَى به الدين.