الحقيقة الكبرى والقضية العظمى، التي ينبغي أن ترسخ في عقول وأذهان وقلوب بل وتفكير المسلمين، والتي لا ينبغي التهاون فيها أو إغفالها والذهول عنها تحت أي ظرف، ولابد لكل مسلم مراجعة نفسه وسلوكه ونهجه ومعتقده وعمله تجاهها؛ أن قضية الأرض الطيبة المقدسة المباركة هي قضية أمة بالكامل، منذ أن أوجد الله الخليقة على وجه الأرض حتى قيام الساعة، لأنها مرتبطة ارتباطا وثيقا برسالة السماء في بداية الزمان ووسطه وآخره. أول مدينة عرفت التوحيد مكة المكرمة، قال تعالى ” إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ “، ومدينة القدس ثاني مدينة عرفت التوحيد، كما رجح الحافظ ابن حجر أن المسجد الأقصى وضع في زمن آدم عليه السلام، أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عندما سأل النبي عليه الصلاة والسلام قلت : يا رسول الله ، أي مسجد وضع في الأرض أول ؟ قال : ” المسجد الحرام ” . قال : قلت : ثم أي ؟ قال : ” المسجد الأقصى ” . قلت : كم كان بينهما ؟ قال : أربعون سنة”.
في ذلك إشارة إلى أن الأرض المقدسة، ارتبطت ارتباطا قويا برسالة السماء في بداية الزمان، ثم تتابع أنبياء الله عليهم السلام بواجب الدعوة إلى الله على هذه الأرض؛ منهم إبراهيم ولوط عليهما السلام، وفيها ولد إسحق وإسماعيل عليهما السلام، وولد يعقوب وأولاده ومنهم يوسف عليهم السلام عليها، وعلى تلك الأرض المباركة أقام داود عليه السلام خلافة إسلامية على منهاج النبوة ومملكة على التوحيد، كانت عاصمتها بيت المقدس، أي أن الوحي كان يتنزل على أرض فلسطين يحمل رسالة الإسلام إلى الأنبياء والمرسلين ونقلها إلى بني الإنسان. ولِمَ لا تكون القدس قضية الأمة، وقد بورك فيها وبمن حولها، وفيها تضاعف أجور الصلوات، ويرجى لمن صلى في المسجد الأقصى أن يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وهي مبتغى الفاتحين ورباط المجاهدين، ومحل الطائفة المنصورة التي تقاتل على الحق إلى قيام الساعة، ولأهميتها بشر النبي عليه الصلاة والسلام بفتحها.