فداك يا فلسطين.. علاقة المسجد الأقصى بالمسجد الحرام

فداك يا فلسطين.. علاقة المسجد الأقصى بالمسجد الحرام

إن هذا الربط العَقَديّ الذي لا يجوز لكائن من كان أن يشكك فيه، أو يظن فيه؛ لأنَّه ربط عقيدة المسلمين جميعًا بمقدساتهم، بمساجدهم، بالأرض التي أُسري بالنبي عليه الصلاة والسلام إلى الأرض التي انتهت إليها رحلة الإسراء والمعراج، إنها عقيدة الحق، عقيدة الإيمان، عقيدة الإسلام التي تجعل هذا الشعب الصابر المرابط، هذا الشعب الذي وكله الله تعالى بأن يكون حارسًا للقدس ومقدساتها، ولأرض الإسراء والمعراج، إننا نتمسك بديار الإسراء والمعراج، بكل حبة من حبات ترابها، وبكل نفحة من نفحات ثرائها الطاهر؛ لأنَّها أرض باركها الله، ألم يقل الله تعالى “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” الْإِسْرَاءِ: 1.

ومعنى هذا الربط بين المسجد الأقصى، والمسجد الحرام، والمسجد النبوي الشريف: إذا ما رجعنا إلى أعماق التاريخ رأينا ذلك في كتاب الله، ألم يقل الله “إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا” آلِ عِمْرَانَ: 96، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري “يا رسول الله، أي بيت وُضِعَ في الأرض أولُ؟ ليقول عليه الصلاة والسلام: المسجد الحرام، ثم قلتُ: أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلتُ: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة، وحيثما أدركت الصلاة بعد فصل”. هذه الآيات وكثير مثلها، وهذا الحديث الشريف وكثير مثلُه، تُوجِب على أمة المسلمين جمعاء أن ينهضوا بهذه الأمانة، وأن يحافظوا عليها، وألَّا يُقصِّروا بحفظها، وحفظ مقدَّساتها وأرضها، والمحافَظة على الشعوب التي تنهض لتحرس مساجدها وذرات ترابها، ولعل الطليعة في ذلك أبناء ديار الإسراء والمعراج، الذين يُرابِطون فيها، رغم الويل، ورغم العدوان، ورغم فَقْد الكثير من أبنائنا، كل ذلك في سبيل الله تعالى؛ حِفاظًا على هذه الأمانة؛ لأن الله يقول “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ” الْأَنْفَالِ: 27. إنَّ لحكمةٍ عظيمةٍ جليلةٍ، أن يكون المعراج من هذه الأرض الطاهرة، من رحاب المسجد الأقصى المبارَك، من هذا المسجد الذي قرَّر اللهُ إسلاميتَه، وقرَّر مسجديته، من فوق سبع سماوات، وجعلها قرآنًا يتلى إلى يوم الدين.