يقول أحد المسعفين : رأيت طفلا جريحا ساقطا على الأرض، مغميا عليه، فأخذته وداويته، فلما شفي وفتح عينيه قلت له: من أنت؟ قال: أنا طفل فلسطيني، قلت: ماذا أصابك؟ قال: سقطت قذيفة على بيتنا فاستشهد والدي ووالدتي وجميع أخواني، فحسبي الله ونعم الوكيل، وأنا سأستمر بالمقاومة حتى نحرر أرضنا ونرفع راية النصر بإذن الله، ولو كلفنا ذلك أن نقدم كل أرواحنا فنحن جيل الفتح الثالث، قلت باستغراب: ثالث!! ماذا تقصد بالثالث؟ قال: لقد حرر عمر الفاروق فلسطين فهذا هو الفتح الأول، ثم الفتح الثاني بقيادة صلاح الدين، ونحن إن شاء الله جيل الفتح الثالث. قلت: ولكن الصهاينة يملكون أقوى الجيوش في العالم، فكيف تنتصرون عليهم؟ قال: هل مر عليك بالدنيا من يملك بقوة جيشه يخاف من شعب أعزل، سلاحه من صنع يده وقوته بإيمانه وقرآنه؟ ومع ذلك يستنجدون ويطلبون الدعم من القوى الكبرى، ويخافون من المواجهة فيقتلون الأطفال والنساء ويهدمون المساجد والمدارس والمستشفيات، فنحن على الرغم من حصارنا، إلا إننا قاومنا الظلم وتعايشنا مع الواقع، مستعينين بالله تعالى، فصنعنا الصواريخ وحفرنا الأنفاق وقدمنا الشهداء، ونفتخر بأن لدينا أعلى نسبة حفاظ للقرآن، قلت: عجيب أمرك فعمرك صغير وكلامك كبير، قال: إن الحقيقة لا تعرف العمر، وغزة هي بلد المعجزة، ولعلك تتابع وسائل الإعلام، فهل مر عليك في حياتك ما تشاهده اليوم من جبن اليهود وخوف الصهاينة!! فنحن أكثر بلد في العالم قدم أطفالا شهداء، وقدوتنا قصة الطفل الذي قال لأمه في حادثة أصحاب الإخدود: يا أماه أصبري فإنك على الحق، فنحن كلنا مثل ذلك الطفل، وهل تعلم أن الشهر الماضي غادر تل أبيب أكثر من مليون شخص؛ خوفا من صواريخنا، وأن اقتصاد اسرائيل بدأ يتأرجح بسبب خسائرها للسياحة، وأنها خسرت سمعتها الأخلاقية عالميا. قلت: ما شاء الله لديك وعي سياسي واضح، فأنت طفل مميز، أصارحك القول، لقد كنت أحدث نفسي وأنا أعالج جراحك وأقول في نفسي هذا طفل يتيم ومسكين ولكني اكتشفت بعد حواري معك، أني أنا اليتيم المسكين، فقد تعلمت منك دروسا لا تدرس بالجامعات، فنسأل الله أن يوفقكم وينصركم، فنحن معكم ندعمكم بكل ما نملك حتى نساهم بالفتح معكم إن شاء الله.