قد قصَّ الله عز وجل علينا في كتابه العظيم قَصَصًا عجيبًا عن اليهود الذين كانوا مع نبي الله موسى الكليم عليه السلام، وما واجهوه به من العنت والأذى؛ ولهذا أمر الله عز وجل أهل الإيمان ألا يكونوا مثلهم، وألا يتشبهوا بهم ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا ” الأحزاب: 69. ومن عنت اليهود وحماقاتهم مع نبي الله موسى عليه السلام أن قالوا له ” أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً ” النساء: 153، وقال لهم موسى عليه السلام بأمر ربه ” وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ” البقرة: 58. “وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا ” البقرة: 61. وحدث من طائفة منهم أن جاؤوا إلى موسى عليه السلام بعد أن قُتِل لهم قتيل لا يعرف قاتله، فأمرهم بأمر الله عز وجل أن يذبحوا بقرة، وحصل منهم من التعنُّت والتلكُّؤ عن أمر الله، فشدَّدوا على أنفسهم، فشدَّد الله عز وجل عليهم، وفي النهاية ” فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ” البقرة: 71. ولما أنجاهم الله من فرعون وجنوده، وأغدق عليهم من النعم وأعطاهم منها ما أعطاهم، وفضلهم على عالمي زمانهم، أمرهم الله عز وجل على لسان موسى أن يدخلوا الأرض المقدسة، وأن يُخرِجوا منها العملاقة الذين استحوذوا على بيت المقدس؛ ولكنهم نكلوا وعصوا، وقالوا قولًا يدل على جبن وخور، وعلى قلة يقين؛ ” قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ” المائدة: 24. فهذه مواضع من كتاب الله تعالى من قصص بني إسرائيل ممن كان منهم نبي الله موسى عليه السلام، وكيف خذلوا نبيهم وآذوه ولم يوقروه، ولم يستجيبوا لأمره، وهذا كان الغالب منهم، وإلا فإن منهم من اختاره الله عز وجل لنصرة نبي الله موسى عليه السلام وهم قليل. واليهود ازداد كفرهم وفسادهم لما أرسل نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم للناس كافة بشيرًا ونذيرًا.