فداك يا فلسطين.. أمة مبتلاة

فداك يا فلسطين.. أمة مبتلاة

يتساءل الناس عن حال الأمة ويقولون: ما الأمر! إننا لا نكاد نفيق من أزمة حتى تغشانا أزمة؟! ولا نكاد نخرج من بلاء حتى يأتينا بلاء آخر؟! ولا نكاد نتعافى من كارثة حتى تنزل علينا ثانية؟! ولا نكاد ننجو من طامة حتى تعاجلنا أعظم منها؟! بل في زماننا هذا تتابع المصائب وتتصاحب فتأتينا جماعات لا فرادى؟! فهذا جرح غائر في فلسطين اسمه الاحتلال الإسرائيلي تحت سمع وبصر العالمين، تسيل هناك دماؤهم وتختلط أشلاؤهم وتُسوى بالأرض بيوتهم، ونقول: وما العجب في ذلك؟ وهل حسبت أن يكون الأمر غير ذلك؛ فإن ما يحدث الآن هو تحقيق لسنن الله عز وجل في خلقه، وهو كذلك تحقق لنبوءة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. فأما أنه إجراء لسنن الله في كونه، فهذه سنة ربانية تقول: “أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ” البقرة: 214، هي سنة تقول: “أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً” التوبة: 16.

وسنة ثانية تقول: “إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ” الرعد: 11، ألا ترى إلى أي مدى من التردي وصلت أمتك؟! لقد صار أغلبها جاهلًا بقرآنه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم! لقد أدارت نسبة كبيرة من الأمة الإسلامية ظهرها لدينها وتنكرت لمبادئه ويممت وجهها صوب الشرق والغرب يبتغون عندهم الهداية! لقد كثرت في بيوتها الفواحش وانتشرت في أقطارها الملاهي واستشرى في شوارعها الفسوق! فكيف بالله تُنصر وهي لم تنصر الله فلم تحقق الشرط: “إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ” محمد: 7. وأما أنها نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم وهو القائل “يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها”، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: “بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن”، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: “حب الدنيا، وكراهية الموت” رواه أبو داود، وصححه الألباني.