السكان يطالبون بإجراء تحقيق بخصوص تسييرها… فتح بلدية أولاد رابح “جيجل ” بعد شهر من غلقها

السكان يطالبون بإجراء تحقيق بخصوص تسييرها… فتح بلدية أولاد رابح “جيجل ” بعد شهر من غلقها

تقع في أقصى جنوب شرق ولاية جيجل، على مسافة تقارب “100” كيلومتر، وقريبة جدا من ولاية ميلة، إنها بلدية أولاد رابح، من البلديات الأكثر عزلة، بفعل موقعها الجغرافي الصعب، وتضاريسها الوعرة، وصعوبة التنقل إليها، عبر الطريق الولائي الرابط بين دائرة سيدي معروف ومقر البلدية، انطلاقا من وادي تارة، أين تبدأ عملية الصعود من نقطة الصفر إلى ارتفاع يعانق شموخ رجال تلك المنطقة، الذين أبدعوا إبان الثورة التحريرية المباركة، وزادوا إبداعا في حماية هذا الوطن خلال العشرية السوداء، فمن هذا الوادي إلى التجمعات السكانية التي تقطعها وصولا إلى مركز البلدية، مرورا على منطقة أمنزر التابعة لبلدية سيدي معروف، إلى أهم المشاتي أنقية، المرجة، بومسعود، الزاوية، الديسة، إلى أولاد رابح أو الأربعاء مركز البلدية، ومنها إلى مناطق أخرى أكثر علوا وشموخا مرورا على منطقة بوشكاب، ثم العناب ووصولا إلى مشتة الريشية، إضافة إلى عدة مشاتي مبعثرة ومنها قرايوا، بوطويل وتافرطاس.

ويعرف الطريق المؤدي إلى بلدية أولاد رابح تدهورا كبيرا إلى درجة غير مقبولة، تجعل منه في بعض الأجزاء خطرا حقيقيا على حياة السكان، أين سجل عدة انزلاقات تزداد خطورتها من منطقة إلى أخرى، وتحتاج إلى تدخل عاجل لإعادة تهيئة الطريق، فتزداد صعوبة الطريق بقدر التوغل في المنطقة، لتصل إلى درجة التخوف من الإرتفاعات، إلا أن الزائر يستمتع بالمناظر الطبيعية الخلابة التي تصادفه، وتقابله من بعيد على الجبل المقابل، الذي يتنافس لنيل الشموخ هو الآخر.

صعوبة الوصول إلى مقر البلدية

بمجرد وصولنا إلى مركز البلدية لاحظنا الأعداد الغفيرة للمواطنين، الذين لم يجدوا من طريقة للإحتجاج على تدهور الأوضاع الإجتماعية إلاّ بالإقدام على غلق مقر البلدية لإيصال صوتهم إلى السلطات المحلية، التي أصبحت مطلوبة وبإلحاح على مستوى بلدية أولاد رابح، خاصة وقد مر على غلق البلدية بكل مرافقها أكثر من شهر أمام المواطنين، ومنها ما يتعلق بمصالح الحالة المدنية، لذا يطالب المواطنون بضرورة تدخل والي الولاية لحل المشاكل المطروحة.

المطالبة بفتح تحقيق في تسيير البلدية

محاولة الحديث مع المواطنين لم تكن صعبة، بل تمت بكل تفاعل في محاولة منهم لنقل انشغالاتهم إلى السلطات المحلية بالولاية، وكذا لتحميلنا مسؤولية نقل انشغالاتهم بكل مصداقية عسى أن تجد الأذان الصاغية، والأيادي الأمينة التي تقدم العون لهذه البلدية الأكثر فقرا وعزلة على مستوى الولاية، فكانت البداية من التأكيد على فشل المجلس البلدي في معالجة أوضاع البلدية المتردية، والفشل أيضا في التسيير، إضافة إلى انتشار عقلية المحاباة والعروشية، وهو ما يرونه مخالفا لقوانين الجمهورية، خاصة في ظل توجه الجزائر الجديدة، حيث أشار البعض إلى عمليات الإقصاء المتعمدة التي يتعرض لها بعض من السكان دون غيرهم، وهو ما نقل فيما بعد إلى والي الولاية وطالبوا على إثره بفتح تحقيق في كل ذلك.

الطريق بين أولاد رابح وسيدي معروف مطلب رئيسي والمطالبة بإصلاح شبكة الطرق

تناول المحتجون واقع البلدية وبعض المناطق بالأخص مع انعدام الطرق والمسالك، وهو ما زاد من عزلة السكان وتفاقم الضغوط الإجتماعية التي أرهقتهم، حيث كانت البداية من الطريق الرئيسي المؤدي إلى مقر البلدية انطلاقا من بلدية سيدي معروف، الذي وصل إلى حد كبير من الإهتراء، ورغم أن هذا الطريق هو المسلك الوحيد لارتباطهم بالعالم الخارجي، فيصفه البعض بأنه صالح لكل شيء إلا لسير المركبات والبشر، وقد أشاروا إلى أنه يشهد تدهورا كبيرا نتيجة الإنزلاقات التي تزيد من صعوبة مساره، حيث أوضحوا أن لشاحنات شركة “دايوا” التي  كانت تستغل “محجرة الدرجة” دور كبير في هذه الوضعية وهذا التدهور، أين كانت تستعمله شاحنات الوزن الثقيل المحملة بـ “40” طنا من الحجر، وبمقدار حوالي  60 شاحنة يوميا، وكل ذلك يدعو الجميع للتجند للمطالبة بمنح البلدية مشروعا حقيقيا يكون كفيلا بإنجاز طريق يمكن أن يساهم في فك العزلة عن البلدية ويسهل من حركة تنقل المركبات والأشخاص وبعث التنمية فيها.

الطرق إلى ترعي باينان والشيقارة بولاية ميلة

من الطرق التي يراها سكان بلدية أولاد رابح حلا لمشكلة عزلة البلدية وتساهم بشكل مباشر في تنمية البلدية، وإحياء الحركة الإقتصادية فيها، هو الطريق الرابط بين مقر البلدية وبلدية ترعي باينان التابعة لولاية ميلة، هذا بالمرور على منطقة عين الجنة التابعة لأولاد رابح، لكن وكما يؤكد السكان فإن هذا الطريق هو الآخر يسجل حالة من التدهور تزيد من صعوبة استعماله للأشخاص والمركبات، على مستوى عدة محاور منه، بحيث أشار البعض من محدثينا إلى أن هذا الطريق أنجز بدون التقيد بالمعايير التقنية، ويستدعي التدخل العاجل لإعادة بعث الحياة فيه، وبذلك فتح آفاق أخرى لسكان البلدية من ناحية ولاية ميلة.

وغير بعيد، نسجل نقطة أخرى أشار إليها السكان، وبكل تأسف وحيرة، وهو الطريق الرابط بين مشتة المرجة وبلدية الشيقارة بولاية ميلة، باعتبار أن هذا الطريق هو الآخر مهم جدا، ويفتح آفاقا كبيرة للسكان ولحركة تنقلهم باتجاه عمق الوطن، ودون العودة إلى الشمال باتجاه مقر الدائرة.

ومن محدثينا أيضا من تطرقوا إلى الوضعية السيئة للطريق الرابط بين قرايو ومنطقة تامخرت الذي لا يزال، حسبهم، ممرا ترابيا يساهم بشكل مباشر في عزلة السكان عن مقر البلدية ويصعب من تنقلاتهم، ونقل المنتجات الفلاحية التي تقدمها المنطقة، إضافة إلى بعض الطرق الفرعية، طريق المرجة، بومسعود، الزاوية، انقية، بوشكاب والعناب، وكلها في حالة مزرية، وآخره مشروع الطريق المؤدي إلى المقبرة الذي قيل إنه أنجز بدون تطابقه مع المعايير التقنية، وعدم إنجاز الرصيف، وهو ما يجعل التلاميذ المتوجهين إلى الثانوية في خطر.

استعجالية إنقاذ معبر العناب

لطريق العناب والريشية حديث آخر، وهو تأكيد المحتجين على عدم تعبيده رغم أهميته، وما يزيد من معاناة السكان في هذا المحور تهديد المياه بعزل القرية تماما، على مستوى المعبر المائي الذي يمر فوق العناب، فأشاروا إلى أنه مهدد بالإنهيار في حالة ارتفاع منسوب مياه الوادي، وبذلك يشكل خطرا على حياة السكان، خصوصا وأن مياهه  تتوغل إلى بيوت السكان في هذه المنطقة، وهو ما كان سببا في مبيت الأهالي في العراء أحيانا، والسبب حسبهم هو عدم تهيئة الشعاب.

المطالبة باستغلال فضاءات المركز الصحي وتحسين الخدمة

كان القسط الأكبر من الإنتقادات لهذا القطاع على مستوى البلدية هو المركز الصحي، الذي يؤكد السكان أنه كان من المفروض أن يكون مستشفى لو توفرت النية الصادقة للمسؤولين عليه، حيث أشاروا إلى أن هذا الصرح المبني يقدم خدمات ضئيلة جدا، ورغم أهميته بالنسبة للسكان وللمنطقة بصفة عامة، فإن خدماته لا تصل إلى مستوى طموحات السكان ولا تلبي حاجياتهم، خاصة وأن البلدية تعاني من العزلة القاتلة، ومن البعد الذي كان سببا مباشرا في عدة حالات طبية صعبة سواء إلى مركز الدائرة بسيدي معروف، أو إلى مستشفى الميلية، وهو ما يفرض على السكان واقعا مريرا جراء هذه الوضعية، وخاصة من الخدمات التي يقدمها، والتي تكاد تنعدم، حيث أشاروا إلى وجود طبيب عام، طبيب أسنان، وقاعة للحقن والتضميد مع غياب التجهيزات التي جهز بها في بداية عمله، والتي لا تعود إلى المركز إلا في المناسبات وأثناء الزيارات الرسمية.

من جهة أخرى، أشاروا إلى الواقع الصعب للتجمعات السكانية الأخرى، جراء وجود قاعات علاج، لكنها مغلقة نهائيا، وهي قاعة منطقة بوشكاب، وقاعة منطقة تامخرت، أما القاعة الثالثة فتحتوي على ممرض واحد، وبالمناسبة فإنهم يطالبون بتسخير ممرضة للتعامل وتمريض وحقن النساء، ويؤكدون أيضا أن النساء الحوامل يتنقلن إلى مستشفى الميلية لغرض الولادة، فلا يعقل ــ حسبهم ــ أن تنقل المرأة الحامل على مسافة أكثر من “30” كيلومترا، في سيارة فرود، وفي طريق خطيرة جدا ويمكن أن تكون في حد ذاتها خطرا على المرأة ومولودها، كما أشاروا ونظرا لهذه الظروف إلى العديد من الحالات التي وضعن مواليدهن في الطريق.

وبذلك يطالبون بتجهيز المركز الصحي، ووضع مناوبة ليلية التي تفرض وجودها عزلة البلدية وخطورة طريقها على المرضى بصفة عامة أثناء نقلهم باتجاه ولاية ميلة أو مستشفى الميلية، وخاصة في الفترة الليلية، وبالمناسبة فقد أشاروا إلى تسجيل حالات وفاة بسبب هذا الوضع.

شبكتا الكهرباء والغاز الطبيعي

بالنسبة لقطاع الطاقة، فإن المحتجين أشاروا إلى جملة من الإنشغالات، أهمها غياب الغاز الطبيعي عن مساكنهم وعدم توفر هذه الشبكة على مستوى البلدية بصفة عامة، وبذلك المطالبة بربط البلدية بهذه المادة التي يرونها من أهم انشغالاتهم في الوقت الحالي، خاصة وأن البلدية تعرف بارتفاعها الكبير وببرودتها الشديدة في فصل الشتاء، وهو ما يلح على ضرورة تخصيص مشروع من هذا النوع لتخفيف معاناة المواطنين، والمساهمة بشكل مباشر في استقرارهم على مستوى كل مناطق البلدية، خاصة أنهم ما زالوا يعانون من صعوبات رحلة البحث عن قوارير غاز البوتان، أو رحلة البحث عن الحطب لغرض التدفئة وحتى للطهي، بحيث أنهم يؤكدون أن أنبوب الغاز يمر بحوالي “05” كيلومترات فقط عن البلدية، كما طالبوا بضرورة معالجة وضعية العديد من العائلات التي لا تعرف معنى للكهرباء لحد اليوم، وقد اعتبروا هذا مطلبا أساسيا بالنسبة للعائلات المحرومة من هذه المادة أيضا.

فتح تحقيق في مزرعة بوشكاب

صبت احتجاجات الأهالي على مستثمرة بوشكاب، هذه المستثمرة التي أكد السكان أنها كانت تشغل أكثر من 184 عاملا، وكانت تحتوي على “24” ألف شجرة، بين أشجار التفاح والإجاص، و”700″ شجرة زيتون مثمرة، كما تنتج حوالي عشرة آلاف “10000” حزمة كلأ، وفي هذا الشأن يؤكد السكان أن المستثمرة قد أهملت، وتم كرائها لمستثمر في صفقة مجهولة، بحيث أشاروا أيضا  إلى تسجيل إتلاف أعداد من الأشجار، وهو ما يتطلب التحقيق في هذا الأمر.

المطالبة بإيصال الماء إلى الخزان الجديد

من المشاكل التي تطرق إليها المحتجون، الخزان المائي الذي أنجز سنة 2014، والذي لم يزود السكان بالماء لغاية اليوم، هذا في الوقت الذي أصبح فيه مصدر الماء الذي كان من المفروض أن يزود الخزان يتجه إلى وجهة أخرى، أو إلى فئة من المواطنين، لتبقى البقية وهي الأكثرية من السكان يعانون من أزمة عطش في عز الشتاء، هذا دون الحديث عن معاناتهم في فصل الصيف وارتفاع درجة الحرارة، وهو المطلب الذي يستدعي فتح تحقيق فيه، لإعادة المياه إلى مجاريها، وتوجيهها إلى الخزان بدل بعض البيوت، وهذا لغرض توزيعها على كل السكان وليس على فئة معينة فقط.

المطالبة بتزويد البلدية بشبكات الإتصال

تعتبر بلدية أولاد رابح بلدية معزولة بأتم معنى الكلمة، وهو ما عبر عنه سكان البلدية أمامنا وأكدوه أمام والي الولاية الجديد السيد عبد القادر كلكال، حيث أشاروا إلى أن البلدية غير مربوطة بشبكات الهاتف، وهو الأمر المفروض في أغلبية المناطق والمشاتي، ولذلك فإن السكان يناشدون السلطات المعنية بضرورة ربط البلدية بمختلف الشبكات الهاتفية والأنترنت، ومن جهة أخرى فإنهم يؤكدون على استعجالية هذا الأمر.

زيارة والي الولاية للمنطقة وإعادة فتح البلدية

التقى والي الولاية السيد عبد القادر كلكال بجموع المواطنين الذين أبدوا غضبا شديدا على أوضاع البلدية التي وصلت إليها، بحيث طالب الكثير منهم بضرورة فتح تحقيق في التجاوزات التي سجلت على مستوى البلدية وفي تسييرها بغية وضع حد نهائي لهذا الوضع، ولبعث التنمية المحلية فيها، وتحسين ظروف حياة المواطنين المعيشية في كل المجالات، وهو المطلب الذي لقي الموافقة من طرف والي الولاية بشرط فتح البلدية أمام المواطنين وإعادة الحياة إليها، وبحضور مواطني البلدية تم فتحها أمام المواطنين، والدخول إليها، مع إعطاء والي الولاية الأوامر بتحسين الخدمة المقدمة للمواطنين وتحسين ظروف البلدية.

إعداد: جمال كربوش