فتحوا النار على برامج “الكاميرا الخفية”… إعلاميون ومثقفون يطالبون بمراقبة المضامين

elmaouid

دون الحديث عن المستوى “الهزيل” للدراما والإنتاج التلفزيوني لرمضان هذا العام، فإن ما تقدمه القنوات ضمن تسمية برامج الكاميرا الخفية قد صدم الجزائريين؛ بسبب محتواها ونوعية ضيوفها.

“الحبس”، “رانا حكمناك”، “اطفرت فيك”، “ردوا بالكم”، كلها عناوين لبرامج كاميرا خفية تعرض هذه الأيام على الجزائريين تحمل في محتواها سيناريوهات عنف جسدي، ولفظي وكلام خادش للحياء.

ومن المآخذ التي يسجلها الجزائريون على هذه البرامج استضافة مغنيات الملاهي، وبالنسبة لهؤلاء، فإن مجرد ذكر أسماء تلك المغنيات داخل الأسرة، فإن الأمر يعد جرماً لا يمكن التسامح معه، فكيف الحال وهم يشاهدون تلك المغنيات داخل بيوتهم من خلال تلك البرامج؟

الدكتور محمد هندو، وهو أستاذ بجامعة الأمير عبد القادر بمحافظة قسنطينة، وعبر الصفحة الرسمية لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، انتقد بشدة محتوى هذه البرامج.

وتحت عنوان “من أشنع ما قدمته قنوات التلفاز هذا العام” كتب: “مغنيات الملاهي اللاتي يغنين أفحش الغناء، ويدعون صراحة إلى الفاحشة ويتعاطينها مع الخمور وأعظم الفجور.. وكنا لا نكاد نرى وجوههن أو نسمع عن سيرهن إلا متخفيات في الظلام كالخفافيش لأنهن منبوذات اجتماعياً، وبالعرف والذوق قبل الدين والشرع”.

واستطرد قائلاً: “الآن تقدمهن القنوات كفنانات وشخصيات محترمة وتفتح لهن منابر الكلام والحديث عن مسيرتهن بوجوه من حديد، يجلسن على موائد الجزائريين في عقر ديارهم أمام عائلاتهم في موسم العبادة وتهذيب النفس والارتقاء بالروح.. يا للعار يا للعار!”.

وخلال استقباله من طرف وزير الاتصال جمال كعوان، أكد رئيس المجلس الإسلامي الأعلى بوعبد الله غلام الله، أن “المحتوى الذي تضمنته الشبكة البرامجية للمؤسسات الإعلامية خلال شهر رمضان، يفترض أن يكون معبراً عن الهوية الثقافية والمرجعية الوطنية للمجتمع، وأن يساهم في ترقية الذوق العام واحترام تقاليد الأسرة الجزائرية”.

بدوره يرى الكاتب والإعلامي حسان زهار، في حديثه لــ “الخليج أونلاين”، أن “برامج الكاميرا الخفية بالجزائر هذا العام تجاوزت كل الحدود المعقولة في الرداءة والخروج عن أعراف المجتمع”.

وتابع يقول إن هذه البرامج “تحتفي بشخصيات منبوذة، وأخرى من مغني الكباريهات والملاهي الليلية، علاوة على المواضيع السخيفة بلا هدف، أو تلك التي تروج للدياثة وانحلال المجتمع”.

والغريب في الأمر- حسب زهار- أن “كل القنوات الجزائرية تقريباً اتفقت على هذا التوجه”.

ورصد لذلك عدة أسباب؛ أهمها “التوجه العام في الجزائر والوطن العربي للتتفيه والتسطيح وصناعة الرداءة”، وهو ما لم تفلت منه برأيه أية دولة عربية، إلى جانب “البحث عن الربح السريع، وسيطرة المادة على القيم، وانحدار مستوى الوعي حتى لدى المتلقي أو المشاهد”.

وبالنسبة للشاعر والإعلامي عبد العالي مزغيش، الذي يرأس جمعية الكلمة للثقافة والإعلام، فإن “تكرار ما حدث العام الماضي دليل أن تلك القنوات لم تأخذ العبرة منه، حين تم تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر سلطة ضبط السمعي بصري؛ احتجاجاً على مضامين كاميرا خفية أساءت للذوق العام، وأساءت إحداها للكاتب الجزائري المعروف رشيد بوجدرة”.

وفي الوقت الذي استغرب مزغيش، في حديثه لــ “الخليج أونلاين”، صمت سلطة الضبط أمام محتوى هذه البرامج، واصفاً إياه بأنه “تعامل لا مسؤول” من طرف القائمين على هذه القنوات، يرى ضرورة اعتماد هذه القنوات على مستشارين فنيين لمراقبة مضامين برامج جماهيرية مثل الكاميرا الخفية، مراعاة للقيم الأخلاقية والإنسانية والمهنية أيضاً.

يذكر أن سلطة ضبط السمعي البصري، المخولة قانوناً بمراقبة محتوى البث التلفزيوني، وجهت في شهر رمضان الماضي تحذيراً مباشراً إلى القنوات التلفزيونية الخاصة، أكدت فيه ضرورة “احترام حق مشاعر المواطن الجزائري من خلال الكف عن إشراكه في برامج ترفيهية لا يحبذ الظهور فيها”، وذلك بعد تلقيها شكاوى من المواطنين عقب بث بعض القنوات صورهم دون علمهم في برامج تسلية، وخصت بالذكر برامج الكاميرا الخفية.