يرجع اختلاف غريزة الأمومة من امرأة لأخرى لعدة أسباب، منها ما هو بيولوجي، ومنها النفسي، وهناك الاجتماعي أيضا، حيث يقول العلماء إنه لا توجد قاعدة واحدة تنطبق على الجميع، فلكل واحدة طريقتها الخاصة في اكتشاف مشاعرها تجاه هذه الغريزة، فقد يظهر بقوة لدى بعض النساء، بينما يكون أقل وضوحًا لدى أخريات.
وفي هذا المقال سنستعرض خمسة عوامل مفاجئة مدعومة بأبحاث علمية، كما سنوضح كيف تؤثر هذه العوامل على مشاعركِ تجاه الأمومة، مهما كان عمركِ أو خلفيتكِ الاجتماعية.
العامل الجيني
أظهرت دراسة نشرتها مجلة Nature Neuroscience أن الجينات تؤثر على استجابات الدماغ العاطفية تجاه الأطفال، فعند بعض النساء، تنشط مناطق معينة في الدماغ مثل “اللوزة الدماغية” عند رؤية أو سماع بكاء طفل، ممّا يُحفّز شعورًا طبيعيًا بالعطف والحماية، أما عند أخريات، فتكون هذه الاستجابة العصبية أقل نشاطًا، ما يفسّر ضعف الرغبة بالأمومة لديهن.
وبالتالي، إذا كنتِ لا تشعرين بنداء الأمومة بقوة، فلا تلومي نفسكِ. فقد تكون الجينات أحد الأسباب الرئيسية، من دون أي خطأ من جانبكِ.
الهرمونات
تؤدّي الهرمونات دورًا محوريًا في تشكيل المشاعر والسلوك، خصوصًا، هرمون “الأوكسيتوسين” والمعروف بهرمون الحب، يُعتبر المحرّك العاطفي الأساسي في غريزة الأمومة. أثناء الحمل، والولادة، وحتى عند الرضاعة، يرتفع هذا الهرمون بشكل كبير، مما يعزز مشاعر الترابط والرغبة في الرعاية، ويقوّي علاقة الأمّ بطفلها.
لكن، في بعض الحالات، قد يكون إنتاج الأوكسيتوسين منخفضًا لدى بعض النساء بسبب خلل هرموني أو اضطرابات صحية. هذا الانخفاض ينعكس سلبًا على شعور الأمومة، وقد يُضعف الاستجابة العاطفية تجاه الطفل، خاصّةً في المراحل الأولى.
أيضًا، مستويات هرمون “البرولاكتين” تؤثر على رغبتكِ في العناية بالآخرين. كل هذه العناصر تؤكد أن التوازن الهرموني يغيّر الكثير في نظرتكِ للأمومة.
تجارب الطفولة
تعيش ذكريات طفولتنا معنا وقد يساهم ما نتج عنها من تجارب في تشكيل قراراتنا، فإذا نشأتِ في بيئة مليئة بالحب والرعاية، فغالبًا ما ستتكوّن لديكِ رغبة قوية في تكرار هذا النمط مع أطفالكِ، أما إذا كانت طفولتكِ مليئة بالإهمال أو العنف، فقد تشعرين بالخوف من خوض تجربة الأمومة.
ووفقًا لبحث نُشر في مجلة Child Development، فإن النساء اللواتي تعرضن لتجارب قاسية في الطفولة مثل صدمات الطفولة، يُظهرن ترددًا أكبر تجاه الإنجاب وذلك لأن الدماغ يُخزن التجارب السلبية ويُعيد تشغيلها كلما ظهرت فكرة الأمومة، وبالتالي، فالذكريات القديمة تؤثر بشكل غير مباشر على غريزة الأمومة لديكِ، من دون أن تدركي ذلك دائمًا.
الصحة النفسية
تؤدي الصحة النفسية دورًا أساسيًا في اتخاذ قرارات حياتية كبرى، ومنها قرار الإنجاب، فالنساء اللواتي يعانين من القلق أو الاكتئاب، غالبًا ما يُظهرن ترددًا تجاه فكرة الأمومة، وفي دراسة حديثة من جامعة هارفارد، وُجد أن الحال النفسية تؤثّر على النشاط الدماغي المرتبط بالتعاطف والانتباه، وهما عنصران أساسيان في غريزة الأمومة الفطريّة، بالإضافة إلى ذلك، الخوف من الفشل، أو القلق من عدم القدرة على تحمل المسؤولية، قد يجعلانكِ تتجنبين فكرة الإنجاب كليًا.
البيئة الاجتماعية والثقافية
أحيانًا، لا تأتي المؤثرات من داخلكِ بل من الخارج. المجتمع الذي تعيشين فيه، والرسائل الإعلامية، وثقافة العائلة، كلها عوامل تؤثر في كيفية رؤيتكِ للأمومة. ففي مجتمعات تقدّس دور الأم، تشعر المرأة بضغط كبير لتصبح أمًا حتى إن لم تكن مستعدّة نفسيًا، أما في مجتمعات أخرى تروج للحرية الفردية وتأخير الإنجاب، فقد لا تشعرين بأي دافع نحو الأمومة في فترة مبكرة من حياتكِ.
كما قد تؤثّر تجربة صديقاتكِ أو قريباتكِ مع الأمومة على رؤيتكِ الخاصة لها، فإذا رأيتِ من حولكِ يعانين من الإرهاق والتعب، قد ينعكس ذلك على رغبتكِ في خوض التجربة، وكل هذه العوامل البيئية تترك أثرًا كبيرًا على غريزة الأمومة، وغالبًا ما يكون هذا التأثير غير واعٍ.