غدر اليهود

غدر اليهود

عندما هاجرَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المدينةِ، أبرمَ وثيقةَ صُلحٍ مع قبائلِ اليهودِ وجعلَ لهم الأمانَ على أنفسِهم وأعراضِهم وأموالِهم، ولكنَّ يَأبى طبعُ اليهودِ إلا الغدرَ، وصدقَ اللهُ تعالى “الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ” الأنفال: 56.  فكانَ أوَّلُ من غَدرَ منهم بنو قَينُقاعٍ عندما اعتدوا على حِجابِ امرأةٍ مُسلمةٍ في سُوقِهم وكَشفوا عن عَورتِها، فحاصرَهم رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بجيشٍ من المسلمينَ حتى أَجلاهم عن المدينةِ إلى بلادِ الشامِ؛ جَزاءَ غدرِهم وخيانتِهم للعهدِ.  ثم تَلاهم في الغَدرِ بَنو النَّضيرِ؛ عَندما دَبروا مؤامرةً لاغتيالِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو جَالسٌ في دُورِهم، بإلقاءِ صَخرةٍ عليه من أعلى السَّطحِ، فكشفَ اللهُ لهُ أَمرَهم، فحاصرَهم بجيشٍ من المسلمينَ وأجلاهم إلى بلادِ الشامِ كذلك. وأخيرًا كانَ الغدرُ الأكبرُ من بني قُريظةَ يَومَ الأحزابِ؛ حيثُ تَجمعَ على المسلمينَ سَائرُ طَوائفِ الشركِ من القبائلِ العَربيةِ، فلما رأى اليهودُ الضيقَ والحرجَ قد استبدَّ بالمسلمين اغتنموا الفرصةَ، وأعلنوا نَقضَ العهدِ والالتحامَ مع المشركينَ، وكَشفَ اللهُ مَكرَهم، ثم بعد أن انهزمَ الأحزابُ، تَفرغَ لهم رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكانت نِهايتَهم أن قُتلَ مُقاتلتُهم، وسُبيتْ ذَراريهم وأموالُهم، جَزاءً لِلخَائنينَ، وعِبرةً للمُعتَبِرينَ. هذه الأفعالُ من اليهودِ كانتْ مع أوفى إنسانٍ، وأصدقِ إنسانٍ، الذي يعرفونَ صِفاتِ نبوتِه كما يعرفونَ أبنائهم، وَلِمَا العَجبُ وقَد وَصفَ اللهُ تعالى في كِتابِه اليهودَ بالأوصافِ الواضحةِ، والأعمالِ الفَاضِحةِ، فهم أساءوا الأدبَ مع ربِّهم عزَّ وجلَّ، وهم كَذَّبوا الأنبياءَ وقَتلوهم، وهم أهلُ الغدرِ ونَقضِ العهودِ والمواثيقِ، وهم الذينَ يأكلونَ أموالَ الناسِ بالباطلِ، وهم الذينَ يسعونَ في الأرضِ فساداً، وهم الذينَ يحسدونَ الناسَ على ما آتاهم، وهم الذينَ لا يتناهونَ عن منكرٍ فعلوه، وهم أبخلُ الناسِ، وأجبنُ الناسِ، وهم من لعنَهم اللهُ وغضبَ عليهم، وضربَ عليهم الذلةَ، وهم أحرصُ الناسِ على حياةٍ، وهم يعرفونَ الحقَّ ويكتمونَهُ، فماذا بقيَ من صفاتِ الخِزيِ والعارِ؟. وهكذا لا يكونُ اليهودُ في مكانٍ إلا عاثوا فيه الفسادَ، وسيطروا على الأموالِ والاقتصادِ.

الكاتب أنور النبراوي