أَمْشِي.. كَمُقْتَرِفٍ عُمْرًا بلا جِهَةِ!
خَلَّى القُصُورَ.. ويَمْضِي نَحْوَ مَقْبَرَةِ!
فَمَا رَأَى مِنْ وُجُوهٍ غَيْرَ كَذَّبَهَا
مُجَسَّدًا فِي مَرَايَاهَا…عَلَى ثِقَةِ!
أَسِيرُ وَحْدِي.. فَلَا عَيْنٌ تُقَاسِمُنِي نِصْفَ الطَّرِيقِ،
ولَا رَجْعٌ لِحَنْجَرَتِي
أتِيهُ رَوْحًا وجَيْئًا فِي الحَيَاةِ
وقَدْ أزْدَادُ تِيهًا إذَا صَدَّقْتُ بَوْصَلَتِي!
حَامَتْ أبَابِيلِيَ العَطْشَى عَلَيَّ،
وكَمْ يَحْتَاجُ سِجِّيلَهَا الزَّهْرِيَّ أبْرَهَتِي
مَا فِي التَّشَابِيهِ إلَّا الوَهْمُ!
لَو لُمِسَتْ فِينَا الحَقَائِقُ بِالألْفَاظِ مَا اسْتَوَتِ!
وفِي المَجَازِ هَوَاءٌ
قَدْ أعِيشُ بِهِ عُمْرَيْنِ،
حِينَ يَضُخُّ البَّوْحَ فِي الرِّئَةِ!
أعُودُ لِلطِّينِ..
رُوحُ الشِّعْرِ تُنْفَخُ فِي جَنْبَيَّ،
تُبْعَثُ مِنْ بَعْدِ الَّتِي قَضَتِ
يَنْمُو عَلَى نَهَرِي شِيحٌ!!
ويَسْبَحُ فِي مَائِي غُرَابٌ!!
ومَا لَا عَيْنُ قَدْ رَأَتِ!
تِلْكَ المَتَاهَاتُ..
لَا تَنْفَكُّ تَأخُذُنِي
صَوْبَ الرَّدَى والهُدَى،
والمَقْتِ والمِقَةِ!
أُجَمِّعُ المُفْرَدَاتِ الهَائِمَاتِ ذُرًى
فَحَيْثُمَا اجْتَمَعَتْ عِنْدِي!
تَبَعْثَرَتِ.. بِلَا عُيُونٍ..
أرَى مَا لَا يَرَوْنَ بِهَا
وقَدْ يُمَكَّنُ وَصْفًا فَاقِدُ الصِّفَةِ
فَمَا بَدَتْ لَهُمُ الأشْيَاءُ وَاضِحَةً..
عَمِيتُ عَنْهَا!
ولِي حِينَ اخْتَفَتْ بَدَتِ!
يا ذَا المَجَازُ.. الَّذِي أحْبَلْتَ كُلَّ رُؤًى قَدْ أنْجَبَتْنِي مِرَارًا ثُمَّ أُنْكِرَتِ
أنَا وَلِيدُكَ!
مُذْ أنْكَرْتَ أُمِّيَ هَلْ مَازِلْتُ ابْنَكَ؟
أو مَازِلْتَ لِي أبَتِي؟
فَكُلُّهُنَّ ثَكَالًى بِي..
ولَو وُصِلَتْ بِي بَعْضُهُنَّ
فَمَا لِلْوَصْلِ بِالصِّلَةِ!
كَبَذْرَةِ الرُّوحِ..
مِنْ تِلْقَاءِ حَبَّتِهَا
تَزَمَّلَتْهَا شَرَايِينِي وأوْرِدَتِي
…
كَهَارِبٍ مِنْهُ..
لَمْ يَعْتَدَّ مُتَّكَأً لِلْعَارِفِينَ
سِوَى مِنْ وَحْشَةِ اللُّغَةِ
كَمَنْ أَطَالَ غِيَابًا ثَمَّ
ثُمَّ أتَى يَمْشِي الهُوَيْنَى الهُوَيْنَى
غَيْرَ مُنْصَلِتِ!
يَا عَيْنِيَ..
اللَّهُ لا تخْفَى عَلَيْهِ دُمُوعٌ مِنْكِ
إذْ تَسْألِينَ القَلْبَ “لَا تَمُتِ”
تَرَيْنَ عَبْرَ غِشَاوَاتِ الحَيَاةِ
رُؤًى تُفَسِّرُ الفَرْقَ بَيْنَ الضِّيْقِ والسَّعَةِ
وتُمْسِكِينَ انْسِكَابَاتِ الدَّقَائِقِ،
لَا تَقْوَيْنَ حَتَّى تَقُولِي لِلْرُّؤَى:
“انْفَلِتِي!”
لا!لَسْتُ حَيًّا بِهَذِي الأرْضِ..
مُذْ وُئِدَتْ رُوحِي، ومُذْ بَدَأتْ مِنْ حَيْثُمَا انْتَهَتِ
قد ينبغي له سفر النور رسالة وتكليف
بقلم: الشاعر محمد سليم ميداوي
الفائز بالمرتبة الأولى في مسابقة جائزة رئيس الجمهورية للمبدعين الشباب علي معاشي