اعتبر الرئيس اللبناني ميشال عون قبيل انتهاء ولايته، أن بلاده قد تنزلق إلى “فوضى دستورية” بسبب عدم القدرة على انتخاب رئيس جديد خلفا له، في ظل حكومة تصريف أعمال غير كاملة الصلاحيات.
ويغادر عون القصر الرئاسي في بعبدا الأحد، قبل يوم من انتهاء ولايته التي استمرت ست سنوات.
وفي أكتوبر 2016، انتخب البرلمان اللبناني ميشال عون رئيسًا للجمهورية، بعد أكثر من عامين من الفراغ الرئاسي بسبب الخلافات السياسية على شخصية توافقية.
وبحسب الدستور اللبناني، تدوم فترة ولاية رئيس الجمهورية 6 سنوات غير قابلة للتجديد، لذا تنتهي ولاية عون الرئاسية في أكتوبر الحالي.
ولم تسفر أربع جلسات في البرلمان عن انتخاب رئيس في ظل انقسام المجلس بصورة غير مسبوقة بعد انتخابات ماي الماضي، إذ لم تتمكن الكتل السياسية من التوصل إلى توافق على مرشح لخلافة عون.
وظل منصب الرئيس شاغرا مرات كثيرة في الماضي، لكن لبنان يجد نفسه الآن على حافة وضع غير مسبوق حيث الرئاسة شاغرة وحكومة تصريف الأعمال لا تملك سوى صلاحيات محدودة.
ولمح عون إلى أنه لا يزال يفكر في تحرك سياسي غير محدد في الساعات الأخيرة من ولايته لمعالجة الأزمة الدستورية، حيث قال في مقابلة مع وكالة رويترز: “لا يوجد قرار نهائي” بشأن ما يمكن أن تنطوي عليه هذه الخطوة.
وأضاف: “من المعقول أن تحصل فوضى دستورية. الفراغ لا يملأ الفراغ”.
وترتبط فترة رئاسة عون في أذهان الكثير من اللبنانيين بأسوأ أيام بلادهم منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990، وذلك في ظل وجود أزمة مالية بدأت في عام 2019 وانفجار مرفأ بيروت الذي تسبب في سقوط قتلى عام 2020.
وفي الأيام التي أعقبت الانفجار، قال عون إنه تلقى تقريرا عن حوالي 2700 طن من نترات الأمونيوم المخزنة في مرفأ بيروت قبل أسابيع من انفجارها مما أودى بحياة نحو 220 شخصا.
و لم يصل التحقيق في القضية إلى أي نتيجة، بسبب طلبات الردّ التي يقدمها المتهمون (نواب ووزراء سابقون) بحق المحقق العدلي طارق البيطار، ما أدى لتوقف التحقيق منذ أشهر.
وكانت الولايات المتحدة قد أدرجت جبران باسيل، صهر الرئيس عون على قائمة العقوبات عام 2020 بتهمة الفساد لكنه ينفي ذلك ويعتبرها عقوبات سياسية.
وقال عون في المقابلة إن العقوبات الأمريكية لن تمنع باسيل من الترشح للرئاسة. مضيفا أنه “من المؤكد أن له الحق في الترشح على الرئاسة”.
وعن العقوبات قال الرئيس اللبناني: “نحن نمحوها بمجرد انتخابه”.
وردا على سؤال حول المرشح الذي تنطبق عليه معادلة الرئيس الأقوى في طائفته، وهي المعادلة التي كرسها بانتخابه قبل ست سنوات، قال عون: “لا أستطيع أن أحكي بهذا الموضوع، لأني قد أؤذي من أسميه. محاربة الفساد لم تبق لي صاحبا. إذا كان سيأتي أحد على مودالي (على شاكلتي) أنا أكيد ما رح يحبوه ولا رح ينتخبوه أصلا”.
وفي أسبوعه الأخير في المنصب، وقع عون تفاهما بوساطة أمريكية لترسيم الحدود البحرية الجنوبية للبنان مع إسرائيل، مما يمثل إنجازا دبلوماسيا من شأنه أن يسمح لكلا الجانبين باستخراج الغاز من المكامن البحرية.
وفي رده على سؤال حول دور حزب الله، قال عون إنه “ساعد في مواصلة المفاوضات لصالح لبنان”، مضيفا أن “المبادرة التي اتخذها حزب الله لم تكن منسقة (مع الدولة) ولكنها كانت مفيدة”.
وتابع: “لو لم يُسمح لنا باستخراج النفط والغاز من مياهنا لما كنا لنسمح لإسرائيل باستخراج الغاز”.
وأفاد أن الصفقة مهدت الطريق لاكتشافات الغاز التي يمكن أن تكون “الفرصة الأخيرة” للبنان للتعافي من الانهيار المالي الذي دام ثلاث سنوات والذي كلف العملة 95 بالمئة من قيمتها ودفع 80 بالمئة من السكان إلى الفقر.
وأوضح عون أن عائدات الثروة النفطية ينبغي أن توضع في صندوق سيادي برئاسة رئيس البلاد، مضيفا أنه في حال عدم انتخاب رئيس أو تشكيل حكومة من الآن وحتى استخراج الغاز “بيكون انتهى البلد”.
وأشار رئيس لبنان المنتهية ولايته إلى أن عدم انتخاب الرئيس ضمن المهلة الدستورية “ليس صدفة.. بل هو أمر مقصود”.
ويشهد قصر بعبدا، الأحد، مظاهرة شعبية من قبل أنصار التيار الوطني الحر الذي أسسه عون ويتزعمه باسيل تواكب انتقال الرئيس إلى منزله في الرابية بجبل لبنان.
وختم عون مقابلته بالقول: “لست نادما لأنني عملت رئيس جمهورية من جهة ومن جهة ثانية كنت أستطيع أن أعمل أكثر وهذه نادم عليها. كيف يمكن لي أن أتعرف على الدولة العميقة التي يجب إصلاحها، صرنا نعرفها منيح”.
وخلال عهد عون شهد لبنان تشكيل 4 حكومات وحالتي اعتذار عن التشكيل.
والحكومات الأربع التي شُكلت كانت اثنتان برئاسة الرئيس سعد الحريري، ثالثة برئاسة حسان دياب، رابعة برئاسة نجيب ميقاتي.
وبينها تكليفان لسفير لبنان في ألمانيا مصطفى أديب والحريري، قبل اعتذارهما بسبب تعذر التكليف وسط خلافات سياسية.
وفي الصيف الماضي، تم تكليف ميقاتي من جديد بتشكيل الحكومة، إلا أن الخلافات السياسية تقف عقبة أمام تشكيلها قبل انتهاء ولاية عون الرئاسية.
وكذلك، من أبرز ما واجه عون في عهده الرئاسي هو الثورة الشعبية التي اشتعلت في 17 أكتوبر العام 2019، إذ امتلأت الشوارع بالمحتجين من شمال البلاد إلى جنوبها، حتى البقاع شرقًا.