عندما يطغى المال على الثقافة

عندما يطغى المال على الثقافة

الناس سواسية كأسنان المشط، من أهم الدروس التي تعلمناها في صغرنا، لكن قليل منا من يتذكر ذلك، أصبحنا نقسم المجتمع والأشخاص الذين حولنا إلى طبقات متفاوتة، قد تتغير المعايير والمقاييس لكن تبقى النتيجة واحدة لا غير، لازلنا نخضع لما جاءت به النظرية الماركسية في تفسيرها للأوضاع الإجتماعية، فقد اعتبر “كارل ماركس” أن سبب النزاعات داخل المجتمع يعود إلى وجود ما يسمى بالطبقية واتساع الهوة بين فئات المجتمع، وبين أرباب العمل والعمال، مع العلم أن هذا الطرح مضى عليه عهد من الزمن لكن تجلياته وبوادره لازالت قائمة إلى حد الآن، وصلنا إلى مرحلة تجعل البعض يحدد معارفه ودائرة أصدقائه بناء على معطيات محددة ومعينة، لدرجة أن شخصا قد يقتصر في تلبية دعوات أولئك الذين هم أعلى مرتبة منه، فيحرص على أداء واجبه على أكمل وجه في حين أنه يتجاهل أولئك الأقل منه شأنا حسب اعتباراته المادية، وصلنا إلى مرحلة يعامل فيها صاحب المال والجاه بكل احترام ووقار ولطف رغم تعاليه ووقاحته وسلاطة لسانه وتكبره وغروره، في حين نحتقر ونزدري ذلك الشخص البسيط رغم قمة أخلاقه وكرمه وتواضعه، ذنبه الوحيد أنه بسيط لا مال له و لا معارف مهمة له، لم يعد للأخلاق والعلم والأدب تلك المكانة التي تكسب صاحبها احترام من حوله، بل أصبح المال سيد الموقف دون منازع، لكن هذه الحالة تنطبق فقط على أصحاب الأنفس المريضة المهزوزة الثقة، على الشخصيات التي اعتادت على اتباع ظل زائف يسبقها، أرواح تشحذ دواخلها بحب التبعية والدونية لتنصهر في شخصية من حولها، تنفي كينونتها من أجل إرضاء من هم أعلى مرتبة منها، جعلت من نفسها أضحوكة أو مجرد قطعة أثاث عتيقة الطراز يتم الاستئناس بها.

بقلم: مليكة هاشمي