عندما سافرت أمي

عندما سافرت أمي

لو لم تكن أمي موجودة كنت أنا أيضا غير موجود

عندما أصحو أضمها وأستمد من حنانها الطمأنينة تقول: أنت يا آدم ولدٌ أحزم تعرف الكثير وستصبح إن شاء الله كبير.

يمر النهار وأعود الى الدار، بالطبع كنت أصل قبلها من المدرسة ولأنها عظمت قواي أصبحت مسؤولا عن مفتاح المنزل، تعود بعدي من عملها فتسعفني بضمة كحرارة النار وتقول أنت يا آدم الولد الذي أختار.

عند الغداء تُحَضِر أشهى المأكولات وأكثرها فائدةً أتناول طعامي بلذة حتى لو لم تكن الوجبة المفضلة لدي، فتقول أنت يا آدم أقنع إنسان، أبتسم وأشكر الواحد المنان.

أمي عندما ألهو مع أبناء الجيران تنصحني ألا نختلف في أي حال، وتقول لي أنت يا آدم الربحان حتى لو كنت خسران.

لم تكن لتغفو عيناها حتى تتأكد أن المسائل البيتية قد أتممتها وأن كتبي راجعتها وثيابي نظمتها وعشائي قد تناولته تمِدُ غطائي برفق وتقول أحلام سعيدة .

عندما كنت مستلقيا تذكرت صديقي قاسم وأمه التي لم يُسمح لها بدخول البلد لأنها بدون هوية. إذًا، فمن يعتني به في كل هذه الأوقات؟ جدته، عمته وأبوه؟.

أما صديقتي عبير انفصل والداها وبقيت بحضانة أبيها.

جارتي ديما وضعها بالتأكيد أصعب، من يعتني بها بعد أن مات والداها بحادثة انقلاب سيارة؟ أختها التي تكبرها بسنين، وخالها.

في صباح أحد الأيام الدافئة والهادئة زقزقت عصافير الربيع عندما حضَّرَت أُمي الفُطور والزاد قالت: اسمع يا آدم لقد تركت فيك أطيب الخصال أن تكون محبا للآخرين قنوعا حامدًا قويًا، تتحمل الصعاب، تحب النجاح لك وللآخرين، إذا غبت عنك كُنت كما وأنا موجودة.

ضحك آدم قائلًا ومؤشرًا: في القلب هنا أنت.

مرت الأيام الجميلة مسرعة، ودقت عقارب الساعة تلسعني بخبر كان مؤلما جدًا عندما علمت أن أمي ستقوم برحلة علاجية خارج حدود الوطن.

ودّعتها في المطار. رفعت يدي للطائرة التي غادرت بها.

اليوم أعيش بين أحبائي، أسلك بما علّمتني أمي ووعظتني، أيقنت أنها أرادتني مسؤولًا عن نفسي أولًا فأشعر بأني كبير لوجودها دائما في قلبي. وموجودٌ أنا بكياني الصغير، إنسانٌ يعرف الخطأ من الأصح.

سأكمل مشوار حياتي طبيبًا يداوي آلام الناس.

فما زلت أنتظر الطائرة حتى تهبط بأمان في أرض خضراء.

انتصار عاب