أكد عميد جامع الجزائر، مأمون القاسمي الحسني، أن الجزائر تفخر بأعلامها، وتسعد بأبنائها البررة ورجالها الصّالحين، من أمثال الشّيخ عدّون، رحمه الله، أولئك الأخيار الّذين جاء وصفهم في الحديث: -يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلْفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ-.
وقال عميد جامع الجزائر في كلمة ألقاها بمناسبة إشرافه على الملتقى الوطني بعنوان -الشيخ سعيد بن بالحاج شريفي الشيخ عدون.. شخصيته وجوده في خدمة الثوابت الوطنية و قضايا الأمة- بالمركز الثقافي لجامع الجزائر، أن الأمة الواعية هي التي تعرف لعلمائها قدرهم، وتحفظ لهم حقوقهم، وتحيي ذكراهم لتقتدي الأجيال بسيرتهم. والواجب علينا أن نفيد من علومهم ومناهجهم، ونكمل مسيرتهم. وفي هذا الصّدد، دعا عميد جامع الجزائر الباحثين المختصّين، وطلبة الدّكتوراه أن يغوصوا في فكر الشّيخ عدّون، وأقرانه، ومنهجهم العلميّ، ليستخرجوا منه ما يفيد في إصلاح أوضاعنا وتقويم مسيرتنا. مؤكدا -أننا نحتاج دائماً وأبدًا إلى العلماء الّذين يتخصّصون في الدّراسات الإسلاميّة، يتنزّهون عن الهوى في العلم، أخذًا وعطاء، ويتجرّدون للحقّ والحقيقة، يكونون فقهاء في الدّين، قادرين على بحث النّوازل والمسائل المستجدّة في الحياة، واستخلاص الأدلّة، وأخذ الأحكام من النّصوص، حتّى لا يتطاول على الإفتاء في الدّين، من لا يعرفون فرائض الوضوء، حسب التّعبير الشّعبيّ المشهور-. وأشار مأمون القاسمي في كلمته، أنه يريد لطلبة العلم أن يرتبطوا بالعلماء الثّقاة، المعروفين بسعة العلم، وسلامة المنهج، فيتلقّوا عنهم العلم النّافع الصّافي، حتّى يتّصل سندهم بالنبيّ، فيكونوا على بصيرة من دينهم، وبيّنة من ربّهم، وصلة بنبيّهم. لقد شبّه، عليه الصّلاة والسّلام، العلماء الرّبانيّين بالنّجوم الّتي يهتدى بها في الظّلمات، فقال: -إنَّ مَثَلَ العُلَماءِ في الأرضِ، كمَثَلِ النُّجومِ في السَّماءِ، يُهتَدى بها في ظُلُماتِ البَرِّ والبَحْرِ، فإذا انطَمَسَتِ النُّجومُ، أَوشَكَ أنْ تَضِلَّ الهُداةُ-، رواه الإمام أحمد. فالعلماء هم الأدلّاء الّذين يهتدى بهم في ظلمات الجهل والضلال، فإذا فُقدوا ضلّ السّالكون. وأكد مأمون القاسمي الحسني -ما دام العلم باقيًا في الأرض، فالنّاس في هدى؛ وبقاء العلم ببقاء حملته؛ فإذا ذهبوا وقع الناس في الضّلال ، كما في الحديث الّذي رواه عبد الله بن عمر، رضي الله عنه، عن النبيّ: -إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا”. وفي سياق متصل، أوضح عميد جامع الجزائر، أن دعوته متجدّدة إلى أن يجعل العلم دعامة لبناء مجتمعنا، نستمدّه من مصادره النقيّة، ونطلب منه ما نحتاج إليه في ديننا، ونستكمل ما نحتاج إليه من علم ينفعنا في دنيانا.
إيمان عبروس