في رحاب السيرة النبوية

عمل النبي صلى الله عليه وسلم

عمل النبي صلى الله عليه وسلم

كانت خديجة رضي الله عنها ذات شرف ومال كثير، تستأجر الرجال ليتجروا بمالها، فلما بلغها “قبل البعثة النبوية” عن محمد صلى الله عليه وسلم صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه، عرضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشام تاجراً وتعطيه أفضل ما تعطي غيره من التجار. فقبِل وسافر معه غلامها ميسرة، وقدما الشام، وباع النبي صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها، واشترى ما أراد من السلع، فلما رجع إلى مكة ودخل على خديجة رضي الله عنها وخبرها بما ربحوا سرت بذلك، إذ ربحت ضعف ما كانت تربح، وأضعفت للنبي صلى الله عليه وسلم أجره التي كانت اتفقت معه عليه.
وكذلك عمِل النبي صلى الله عليه وسلم بالتجارة قبل البعثة مع عمه أبي طالب، فعندما عزم أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم على الرحيل إلى الشام لغرض التجارة، تعلق به النبي صلى الله عليه وسلم راغباً في صحبته ليتعلم بعض طرق التجارة وأسرارها، ورقَّ له قلب عمه وقال: والله لأخرجن به معي, ولا يفارقني ولا أفارقه أبداً. ولم تنقطع صلة النبي صلى الله عليه وسلم بالتجارة بعد عودته من الشام، بل كان يتاجر في بعض أسواق مكة، كسوق عكاظ ومجنة وذي المجاز، التي كان التجار يقصدونها للبيع والشراء التجارة فيها. لقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم ـ عملياً وقولياً ـ من خلال سيرته وأحاديثه الشريفة إلى أهمية عمل المسلم وسعيه على رزقه، فقد عمل برعي الغنم والتجارة، وقال صلى الله عليه وسلم: “ما أكل أحد طعاما قط خيراً من أن يأكل من عمل يده” رواه البخاري. وقال: “لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من يسأل أحداً فيعطيه أو يمنعه” رواه البخاري.