على عتبة باب الجنة

على عتبة باب الجنة

 

على باب الجنة تسمع أصواتًا لم يطرق سمعَك أندى منها ولا أعذب، على عتبة باب الجنة لن تنسى مرضك، ولن تنسى فقرك ولا حاجتك؛ بل ستنسى الدنيا بأسرها؛ ألمك وقد عشت مع المرضى عدد سنين حين كنت تتقلَّب من شدة ما تجد، كنت تُسلِّم أمرك إلى ربِّك الرحيم بك، إلى الله مولاك، فترضى عن الله وبالله، هناك على عتبة بابها تغيب آلام المرض وكأنَّ شيئًا لم يكن، ليبقى لك الجزاء وأي جزاء وعطاء! أنت أيها المظلوم لحظات الظلم التي مرَّت بك حين كسر جناحك وتُعدِّي على حقِّك ونِيل منك هناك، فقط على باب الجنة سترى نتيجة صبرك وعاقبته، على عتبة بابها سترتوي نفوس أهل الإيمان من نسيم هوائها العليل، ستعلم أن ثم نعم المنقلب يوم صبروا على الطاعة وكابدوا مشقة الثبات عليها، ستشاهدون يا أهل الصلاح والإصلاح عين اليقين، ثمارَ فرارِكم من أوحال المعاصي، ونتاج أمركم بالحق وصبركم عليه، ونهيكم عن المنكر والغي وتحذيركم منه، هناك ستتذكَّر أيَّامَك الخوالي وأنت تُجافي جنبك عن فراشك الوثير لتجيب داعي الفلاح: “الصلاةُ خيرٌ من النوم” هل تذكر جهادك لنفسك وأنت تترك الدنيا وملذَّاتِها لتقوم على راحة والديك، هل تذكر صيام النهار وقيام الليل؟ هل تذكرين صبرك على الحجاب والحشمة ذهب النصب، وزال الجهد، وثبت هنالك الأجر بإذن الله.  إنه اليوم العظيم السعيد الذي طال انتظار أهل الإيمان له حين تبعث وترى الملائكة بانتظارك، قال تعالى: ” إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ” الأنبياء: 101- 103. إنه اليوم السعيد عندما تطلق فيه صرخة الفرح ” فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ” الحاقة: 19. إنه اليوم السعيد الذي ينتظرك وأنت تمشي ومن خلفك وترى ذريتك ” وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ” الطور: 21. يا الله، ما أسعد ذلك اليوم! وأنت تمشي في زمرة من رضي الله عنهم، يتقدَّمُهم حبيبُك محمدٌ صلى الله عليه وسلم ” يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ” التحريم: 8. يا ربِّي نسألك الجنة وما يُقرِّب إليها من قولٍ وعملٍ، ونعوذ بك من النار وما يُقرِّب إليها من قول وعمل.