يعد التركيب غير السليم لأجهزة التدفئة وسوء تصريف الغازات المحترقة السبب الأول في حوادث الاختناق بغاز أحادي أكسيد الكربون، حسب التوضيحات المقدمة من طرف مصالح المراقبة التابعة لوزارة التجارة وهيئة المراقبة العمومية والمصنعين وجمعيات المستهلكين والتجار.
وفي هذا السياق، عدّد المدير العام للرقابة الاقتصادية وقمع الغش بوزارة التجارة، السيد محمد الوحايدية، خمسة عوامل رئيسية للتسممات بغاز أحادي أكسيد الكربون وهي “سوء تركيب” أجهزة التدفئة من قبل أشخاص “غير مؤهلين” بالإضافة إلى “عدم وجود صيانة دورية للمدافئ” و “عدم تنظيف قنوات تصريف الغازات المُحترقة”.
كما أشار كذلك إلى “قِدم الأجهزة” و “عدم التهوية الكافية” في المنازل نتيجة عدم وجود منافذ للتهوية أو غلقها أصلا من قبل السكان .
انخفاض نسبة عدم مطابقة المدافئ إلى 4،76 بالمائة
من جهة أخرى، رفضت المديرية العامة للرقابة الاقتصادية وقمع الغش ومخبر المركز الجزائري لمراقبة النوعية والرزم (CACQE) لقسنطينة اعتبار نوعية المدافئ سببا في حوادث التسمم بغاز أحادي أكسيد الكربون .
وأكد السيد الوحايدية لـ “وأج” أن مصالحه لم تتلق مؤخرا أي شكوى بخصوص الغش والتزييف في المدافئ الغازية، موضحا أن أي متعامل يلاحظ تزويرا في منتجاته يتصل بمصالح المديرية العامة للرقابة الاقتصادية وقمع الغش التي “تسحب” المنتوج المُقلد من السوق مع فرض العقوبات المنصوص عليها في القانون على مرتكب المخالفة.
وحسب ذات المسؤول، فإن جميع أجهزة التدفئة أو سخانات الماء المصنوعة محليا أو المستوردة، وهو أمر نادر جدا، “تخضع لمراقبة” مخبر المركز الجزائري لمراقبة النوعية والرزم، مما سمح بتسوية مسألة مطابقة المدافئ “نهائيا”.
من جهته، صرح رئيس مخبر المركز الجزائري لمراقبة النوعية والرزم لقسنطينة، رضا بن مور الله، أن نسبة عدم مطابقة المدافئ انخفضت من 85 بالمائة سنة 2013 إلى 4،76 بالمائة سنة 2021.
وأوضح أنه بالإضافة إلى مهمة المراقبة، فإن هذا المخبر يتولى مهمة “مواءمة” هذا النوع من الأجهزة، مضيفا أنه في حالة عدم مطابقة منتوج ما، يحق للمتعامل إجراء عملية مواءمة من خلال تصحيح أوجه القصور.
وبمجرد التحقق من تصحيح أوجه القصور هذه، يصدر المخبر شهادة المطابقة ويمكن للمنتوج الاستفادة من رخصة التسويق.
وأضاف السيد بن مور الله أن “المرافقة تخص أيضًا المستوردين باعتبار أنه يمكنهم التقرب من المخبر الذي يشرح لهم المعايير التي يجب أن طلبها من المورد الذي يتم التعامل معه”.
وقال إن هذا المخبر يتلقى منتجات “تسببت في وفاة أشخاص” اختناقا بالغاز في إطار إجراءات الخبرة بطلب من مصالح الأم، بحيث “غالبا” ما تبين النتائج عدم تصريف الغاز المحترق، وهو ما يعني وجود ما يعيق خروجه.
الخوف يدفع العائلات لصيانة مدافئها وتركيب الكاشف
حاولنا من خلال الحديث مع بعض المواطنين، جس نبض بعض العائلات حول ما إذا كان هناك وعي بأهمية صيانة أجهزة التدفئة،
وقال أغلب من تحدثنا معهم إنهم قاموا بصيانة أجهزة التدفئة بالتواصل مع المرصصين، خاصة أن أجهزة التدفئة، حسبهم، أصبحت تقتل عائلات بأكملها؛ بسبب التسربات التي يصعب عليهم اكتشافها إلا بعد وقوع كوارث. وكما قالت سيدة أربعينية، إن الخوف من حوادث الاختناق دفعها إلى الحرص على ضرورة صيانة مدفأتها التي تعمل بالغاز، معلقة بأنها تتطلع أيضا، لتركيب كاشف الغاز، الذي أصبح أكثر من ضروري لتأمين الحماية من القاتل الصامت، بينما علّق مواطن آخر بأن صيانة أجهزة التدفئة يجب أن يقوم بها مختص، وأن عمله يقتصر على تنظيفها فقط، ويتم إسناد مهمة صيانتها والتأكد من خلوها من التسريبات، لمختصين، مشيرا في السياق ذاته إلى أنه يتطلع لتركيب كاشف الغاز؛ حتى يطمئن كليا؛ لأنه بات لا يثق مطلقا في غاز أحادي أكسيد الكربون الذي يصعب اكتشافه.
من جهته، قال بائع أجهزة التدفئة بأن محلات بيعها خلال هذه الفترة التي تتزامن وتسجيل انخفاض في درجات الحرارة، تشهد حركة؛ بعضهم يأتي للسؤال حول الأسعار والأنواع الجديدة المتوفرة، وبعضهم الآخر يرغب في تغيير أجهزته، والبحث عن تلك المزوّدة بالكاشف، والتي أصبحت مطلوبة جدا، مشيرا إلى أن الإقبال على الأجهزة يختلف حسب القدرة الشرائية، فالبعض يرغب في الأجهزة التي تعمل بالغاز؛ لأنها أقل ثمنا مقارنة بالأجهزة التي تعمل بالكهرباء. وعلى العموم، فإن الأجهزة التي تعمل بالغاز هي الأكثر طلبا.
وفي السياق ذاته، أوضح التاجر أن أهم نصيحة يقدمها للمواطنين الراغبين في الشراء والتي تدخل في إطار المساهمة في التوعية من حوادث الاختناق بالغاز، هي لفت انتباه المستهلك إلى وجوب اقتناء تلك التي تحتوي على أجهزة الإنذار؛ لمزيد من الحماية.
وردا على سؤالنا عن درجة الوعي بخطورة بعض أجهزة التدفئة، أشار المتحدث إلى أنه على الرغم من وجود نوع من الوعي حول أهمية اقتناء المدافئ المزودة بأجهزة الإنذار، غير أن البعض لا سيما ربات البيوت، مازالوا بحاجة لمزيد من التوعية في مسألة اختيار الأجهزة؛ لكون البعض لايزال يبحث عن الأجهزة التي لا تحتوي على أنابيب إخراج الغاز المحترق من الباب الجمالي رغم أن مديرية التجارة منعتها.
ل. ب