تسعى محافظة الغابات بولاية باتنة جاهدة، لتصنيف الموقع الطبيعي شط قداعين المستقطب لآلاف الطيور سنويا، كمنطقة رطبة، وفق المعاهدة الدولية للحفاظ والاستخدام المستدام للمناطق الرطبة (رامسار)، حسب ما عُلم، مؤخرا، من المحافظ الولائي للغابات.
أوضح عبد المؤمن بولزازن في هذا السياق، أنه “شرع في تحضير ملف حول هذه المنطقة الرطبة التي استقطبت وحدها في فترة الجرد الشتوي للطيور المائية للموسم الجاري التي انتهت يوم 26 جانفي المنقضي، 20 ألف طائر مهاجر”. وأهم ما لفت انتباه الملاحظين خلال هذه الفترة، حسب محافظ الغابات، أن هذه المنطقة الرطبة ظلت محافظة على وفرتها المائية، ومن ثمة انتعاشها، واستقطابها للطيور المهاجرة رغم قلة تساقط الأمطار؛ لذا سيتم التركيز – وفق المصدر – على تنوعها البيولوجي، وانتعاشها، وحيويتها الملحوظة في السنوات الأخيرة من طرف جامعيين وباحثين مختصين خلال التظاهرات التي ستشهدها الولاية اليوم بمناسبة إحياء اليوم العالمي للمناطق الرطبة، ضمن الجهود الرامية إلى جمع ما أمكن من معلومات عنها. ومن المنتظر أن يكون ملف تصنيف الموقع مكتملا في السنة الجارية، على أن يقدم، حسب السيد بولزازن، للجهات المختصة على المستوى المركزي بالمديرية العامة للغابات، وبعدها وزارة البيئة، مضيفا أن التركيز سيتم على تصنيفها وطنيا أولا، ثم تصنيفها دوليا.
منطقة رطبة بمناطق أثرية
وتكمن الغاية من تصنيف هذا المسطح المائي الطبيعي، أردف نفس المسؤول، في استفادته من خلال هذه العملية، من مخطط للتسيير، يمكّن من حماية فعلية للشط من كل الأخطار؛ من خلال وضع مراكز مراقبة، وسياج يحيط به، وتحديد المدخل. وأبعد من ذلك، تثمين أهميته كمسطح رطب يقع بمنطقة ثرية بمواقع تاريخية وأثرية، ومنها الضريح النوميدي الملكي إمدغاسن ببومية. ويمتد شط قداعين الواقع شمال غرب مدينة باتنة، على مساحة تقدَّر بحوالي 5 آلاف هكتار، ويسمى أيضا بمركب قداين؛ لتكوّنه – حسب ذات الإطار- من مجموعة من المستنقعات ذات المياه المالحة، تمتد من وادي المعذر إلى غاية بلديتي عين ياقوت ولازرو، لتتصل فيما بينها وتسيل عبر القناة الضيقة لوادي الصابون بمنطقة شط تينسليت بولاية أم البواقي، المدرجة ضمن تصنيف رامسار منذ 2012. ويُعد الموقع الطبيعي الرطب من بين 100 منطقة رطبة موجودة عبر ولاية باتنة، وهي كلها غير مصنفة إلى حد الآن، حسب مصالح محافظة الغابات.
الطيور أعادت الحياة للشط
استعادت المنطقة الرطبة شط قداعين الحياة منذ هذا الشتاء بشكل ملفت مستقبلة على وجه الخصوص عددا معتبرا من طيور النحام الوردي، وفي هذا الصدد أشار إطارات سابقون بمحافظة الغابات إلى أنه “للمرة الأولى منذ 10 سنوات تتم مشاهدة عدد كبير من طيور النحام الوردي بمستنقعات هذا الشط”.
كما صرح وليد بلدهان رئيس مصلحة حماية الثروتين النباتية والحيوانية بمحافظة الغابات بأن “ما يدل أيضا على استعادة الحياة بهذا الشط هو الثراء في عدد الحيوانات الملاحظ في ختام الإحصاء الشتوي للطيور المائية بـ 23 صنفا من الطيور من بينهم 13 صنفا محميا بمجموع 3296 طيرا من بينهم البط البري الرخامي (68 طيرا) و الشهرمان (271).
ويعد شط قداعين من الغرب إلى الشرق مجموعة من المستنقعات ذات المياه المالحة تتصل فيما بينها وتتدفق عبر القناة الضيقة لوادي الصابون بمنطقة شط تينسليت (ولاية أم البواقي) المدرجة ضمن تصنيف رامسار منذ 2012.
وتغطي هذه المساحة المائية مع ضفافها ما يقارب 2600 هكتار تمتد عبر بلديتي لازرو وعين ياقوت.
ويتموّن هذا الشط أساسا من مياه الأمطار وتدفقات واديي الزانة والمعذر، حسب ما أوضحه من جهتهم تقنيون بمحافظة الغابات.
وكل ما سبق أنعش الأمل لدى إطارات محافظة الغابات وأشخاص آخرين مدافعين عن البيئة فكرة إدراج المنطقة ضمن تصنيف رامسار.
واستنادا للسيد بلدهان، فإن عملية التصنيف تتطلب عدة معايير أولها عبارة عن متابعة حماية هذه المنطقة المستقبلة للطيور المهاجرة والتي يتم ضمانها بالتعاون مع السلطات المحلية.
إدراج الشط في رامسار يضمن الحماية
من جهته، أفاد السيد رضوان، وهو إطار بمحافظة الغابات، بأن “تصنيف المنطقة في إطار الاتفاقية الدولية رامسار سيضمن حماية فعلية لهذا الشط تتضمن على وجه الخصوص، تركيب مراكز مراقبة ووضع سياج من أجل تحديد المدخل وتثمين أهميته كموقع لحماية الطيور.”
وتعد المنطقة موقعا مثاليا لتغذية واستراحة وتعشيش الطيور المهاجرة، حسب ما كشف عنه من جهته خالد عطاوط، من الوكالة الوطنية لحماية الطبيعة، الذي أفاد بأن عدة أصناف من بينها البطة سوداء العنق التي تعشش في الوقت الراهن بمنطقة قداعين.
كما يكتسي موقع قداعين أهمية ثقافية بالنظر لموقعه وسط منطقة غنية من الناحيتين التاريخية والأثرية من خلال قربه من الضريح الملكي النوميدي إمدغاسن، البارز منذ أكثر من 23 قرنا ببلدية بومية المجاورة، والمقابر المتواجدة بضواحي منطقة الزانة في سفح جبل مرزقان بين شط قداعين وشط الصابون من طرف عالمي الآثار ستيفان قسال وهنري قرايو اللذين اكتشفا أيضا نقوشا ليبية بسريانة.
لمياء. ب