إن الله عز وجل عرض الأمانة على السماوات والأرض فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان فقال تعالى ” إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ” الأحزاب: 72. فالأمانات كثيرة وكثيرة ليست مقتصرة على الودائع فحسب وإنما مفهوما كبير كما بين القرآن الكريم فالبيت والأولاد أمانة ومسؤولية أمام الله عز وجل. من هنا نصل إلي أن التربية الإسلامية فريضة في أعناق جميع الآباء والمعلمين وأمانة يحملها الجيل للجيل الذي بعده ويؤديها المربون للناشئين وكان الويل لمن يخون هذه الأمانة أو ينحرف بها عن هدفها أو يسيء تفسيرها أو يغير محتواها”. قال تعالى عن نبيه إسماعيل ” وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ” مريم: 54، 55.
روى الحاكم وأبو داود عن عبد الله ابن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “علموا أولادكم الصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع”.. وأجمع العلماء على ضرورة تربية الأولاد تربية صحيحة قوامها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن من يقوم بهذه المهمة إنما يقوم بعمل عظيم هو امتداد لمهمة الأنبياء والمرسلين الذين أرسلهم الله تعالى لهداية البشر وتعليمهم. والطفل كما يقولون صحيفة بيضاء نقية في أيدي أبويه ومن يربيه. فإذا نقشوا فيه صالحا نشأ صالحا، وإن نقشوا فيه شيئا فاسدا نشأ على السوء والفساد. فإذا أدرك الآباء والمربون هذه الأمانة وحملوها بصدق وإخلاص فلتبشر الأمة بالنصر القريب عملا بقول الله تعالى ” إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ” الرعد: 11. فتربية الأولاد من الأمانات والمسئوليات التي يحاسب عليها العبد يوم القيامة فإذا فرّط العبد فيها عرض نفسه لغضب الله ومقته، وإذا قام العبد بدوره تجاه الأبناء أثيب عليه الثواب الجزيل ومنحه الله عز وجل أجرا عظيما.