روى البخاري رحمه الله تعالى عن عدي بن حاتم أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “اتقوا النار” ثم أعرض وأشاح، ثم قال: “اتقوا النار”. ثم أعرض وأشاح ثلاثا حتى ظننا أنه ينظر إليها، ثم قال: “اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة”.
ووجه العبرة في هذا الحديث الشريف هي كما يلي:
1- الإيمان بالدار الآخرة وأنها عالمان عالم سعادة وعالم شقاء، فعالم السعادة الجنة دار الأبرار والنعيم المقيم، وعالم الشقاء النار ذات الدركات السبع والعذاب الأليم.
2- الجنة مفتاحها لا إله إلا الله محمد رسول الله فمن شهد أن لا إله إلا الله وعبد الله وحده بما شرع من العبادات، وشهد أن محمداً رسول الله وآمن بما جاء به وأحبه أكثر من حبه لنفسه، واتبعه في كل ما جاء به ودعا إليه وعلم به ظاهراً وباطنا فهذا من أهل الجنة دار السعادة والسلام والنعيم المقيم.
3- النار مفتاحها الكفر بالله وبما أمر بالإيمان به، والشرك في عبادته وذلك بصرف عبادة الله تعالى إلى أي مخلوق من مخلوقات ملكاً كان أو نبياً أو عبداً صالحاً، أو كان صنماً أو تمثالاً أو حجراً، أو شهوة أو هوى.
4- وجوب اتقاء النار بعد الإيمان بوجودها كأنها بين أيدينا واتقاؤها لا يكون بغير الإيمان وصالح الأعمال مع البعد كل البعد عن الشرك والكفر والذنوب والآثام مع الحذر من عذابها واتقائه بعد الإيمان والتوحيد ولو بشق تمره ويتصدق بها العبد رجاء أن يقيه ربه عذاب النار.
5- ومما يتقي به عذاب النار الكلمة الطيبة وهي لا إله إلا الله محمد رسول الله، ثم كلمة هدى يهدى بها ضال، أو يصلح بها بين أثنين أو يفصل بها بين متنازعين، أو يدفع بها ثائراً أو يسكن بها غاضباً، إذ قال تعالى: “فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ” أي يرى جزاءه في دار الجزاء يوم القيامة.
العلامة أبو بكر الجزائري