عشر ذي الحجة.. فرصة جديدة

عشر ذي الحجة.. فرصة جديدة

 

الحمد لله الذي أقسم بالعشر، فقال” وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ” الفجر: 1، 2، فإنَّ من فضل الله تعالى ونِعَمِه الجليلة على عباده أن هيَّأ لهم المواسمَ العظيمة، والأيامَ الفاضلة؛ لتكون مغنمًا للطائعين، وميدانًا لتنافس المتنافسين، ومن أعظم هذه المواسمِ وأجلِّها ما شهد النبيُّ صلى الله عليه وسلم بأنها أفضلُ أيام الدنيا على الإطلاق، ألا وهي أيامُ عشر ذي الحجة، ففي هذه الأيام تتضاعف الحسنات إلى ثواب المجاهدين؛ بل ويزيد عليه؛ فقد روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما من أيام العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله عز وجل من هذه الأيام” – يعني: أيام العشر- قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: “ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، ثم لم يرجع من ذلك بشيء” رواه البخاري.

هذا الموسم تعتبر أيامه أفضل أيام الدنيا؛ حيث روى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أفضل أيام الدنيا العشر” – يعني: عشر ذي الحجة – قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال: “ولا مثلهن في سبيل الله، إلا رجل عفَّر وجهه بالتراب” رواه البزار وأبو يعلى. وعلَّل بعض أهل العلم الحكمة في كون عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا بأن أمهات الأعمال الصالحة والعبادات تجتمع فيها، ولا تجتمع في غيرها، فهي أيام الكمال، ففيها الصلوات كما في غيرها، وفيها الصدقة لمن حال عليه الحول فيها، وفيها الصوم لمن أراد التطوع، أو لم يجد الهدي، وفيها الحج إلى البيت الحرام ولو قد حرم منه الكثير هذا العام بسبب جائحة كورونا، وفيها الذكر والتلبية والدعاء الذي يدل على التوحيد، واجتماع العبادات فيها شرف لها لا يضاهيها فيه غيرُها، ولا يساويها سواها. وقد سُئل شيخُ الإسلام ابنُ تيمية رحمه الله عن عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان: أيُّهُما أفضلُ؟ فأجاب: “أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر في رمضان، وليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة”. فلا غرابة إذًا أن يحرص السلف الصالح على اغتنام عشر ذي الحجة والاجتهاد فيها.