ما يزال سكان حي الرّافا القصديري المتواجد بالمدنية بالعاصمة يطالبون بحقهم في الترحيل نحو سكنات لائقة، بعدما عانوا الأمرين لنصف قرن عايشوا فيه كل أنواع المعاناة مع الغياب التام لأدنى ضروريات العيش الكريم دون أن يحظوا بفرصة ضمهم إلى القوائم الخاصة بعمليات الترحيل.
ناشد سكان حي الرّافا السلطات المحلية والمعنية الالتفات إلى معاناتهم التي طال أمدها بعدما تجاوزت النصف قرن، وسط غياب تام لمختلف ضروريات الحياة من شبكة المياه، الغاز والكهرباء، ضف إليها ما تتعرض إليه عائلاتهم يوميا من أخطار، معربين عن مخاوفهم من الموت ردما تحت أسقف الأكواخ التي يأوون إليها، خاصة مع استمرار سلسلة الانهيارات في أسقف نال منها الزمن ولم تعد تقوى على مواجهة أدنى حادث وأحيانا تتهاوى من تلقاء نفسها، وقد أضحى تساقط الحجارة التي شيدت عليها هاجسا حقيقيا يطاردهم ويعكر صفو حياتهم، مترقبين الموت في أي لحظة، وأشاروا إلى أنهم كثيرا ما يتدخلون لإنقاذ ما يمكن انقاذه سواء بتغطية الفراغ الذي تخلفه الحجارة أو ترميم الأكواخ، ولكن كلا الحلين بالكاد ينجحان، إذ سرعان ما يعود الخوف من جديد.
في سياق آخر، نوّه السكان بارتفاع الرطوبة بالمكان لدرجة لم يعودوا يقوون على تحملها أكثر وهي تؤثر بشكل كبير على صحتهم خاصة الأطفال، حيث تنتشر بالحي حالات ربو متقدمة وأخرى في مراحلها الأولى ولا تنذر بالخير لمرضاها، ضف إلى ذلك أمراض الحساسية الجلدية التي افتكت بعدد منهم جراء انتشار الروائح الكريهة والحشرات الضارة بفعل تسربات المياه القذرة أمام كل البيوت لعدم توفر قنوات الصرف الصحي واضطرارهم إلى تشكيل حفر وردمها وإعادة العملية في كل مرة، وهي النقائص التي فاقمت معاناة السكان أكثر.
وأوضح السكان أنهم يأوون إلى حي الرافا منذ أكثر من 40 سنة دون أن يلتفت ولا مسؤول لمعاناتهم التي طال أمدها، رغم أن موقع الحي يطل على الطريق الرئيسي الذي يمر عبره كل المسؤولين، إلا أن ذلك لم يشفع لهم على حد وصفهم، مؤكدين في ذات السياق أنهم يقبعون طيلة هذه العقود في بيوت هي أصلا مجرد أكواخ لا تصلح لعيش البشر، مستغربين لطريقة تسيير السلطات المحلية لملفهم، حيث أوضحوا أن هذه الأخيرة لم تكلف نفسها عناء الاستماع لانشغالاتهم التي حاولوا قدر المستطاع رفعها، وفي أكثر من مرة انزلقت إلى احتجاجات في الشارع تنديدا بما اعتبروه تهميشا وإجحافا في حقهم من المجالس البلدية التي تعاقبت على بلدية المدنية.
وفي هذا الإطار، دعوا السلطات المعنية إلى تمكينهم من حقهم في الترحيل في أقرب فرصة بعدما ضاقوا ذرعا من الظروف الكارثية التي يجبرون على معايشتها.