شارك وزير الدولة، وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة، محمد عرقاب، الثلاثاء، في افتتاح أشغال مؤتمر ومعرض البحر الأبيض المتوسط للطاقة “OMC Med Energy 2025″، الذي يُعقد بمدينة رافينا الإيطالية.
وشهد المؤتمر حضور عدد من الشخصيات البارزة، بما في ذلك الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك، رشيد حشيشي، والرئيس المدير العام لسونلغاز، مراد عجال، إلى جانب سعادة سفير الجزائر لدى إيطاليا وعدد من الإطارات من قطاع الطاقة والمناجم. وفي كلمته الافتتاحية، أشار عرقاب إلى أهمية هذا الحدث في ظل التحديات الاقتصادية والمناخية والجيوسياسية الراهنة، مع التأكيد على متانة العلاقات الجزائرية الإيطالية، مشدداً على أهمية هذا المؤتمر في تعزيز الشراكة بين البلدين وبناء مستقبل طاقوي مستدام في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
استراتيجية الجزائر الطاقوية
حيث استعرض الوزير في كلمته الاستراتيجية الوطنية الجزائرية في مجال الطاقة، التي ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية: تعزيز الإنتاج الوطني للطاقة، ضمان أمن التزود الطاقوي، وتقليص البصمة الكربونية. كما كشف عن برنامج استثماري طموح يهدف إلى رفع الإنتاج الغازي للجزائر إلى أكثر من 200 مليار متر مكعب سنويا، مع تخصيص جزء كبير من هذه الكمية للتصدير، ليظل البلد على قمة اللاعبين الاستراتيجيين في السوق العالمية للطاقة.
وأضاف عرقاب أن الجزائر تسعى إلى دمج 30 بالمائة من الطاقات المتجددة في مزيجها الطاقوي الوطني بحلول عام 2035. في هذا السياق، أشار إلى برنامج طموح لإنتاج 15.000 ميغاواط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية، الذي بدأ العمل به في عام 2024 بقدرة 3.200 ميغاواط. هذا التحول الطاقوي يعكس التزام الجزائر بتطوير مصادر طاقة بديلة ومستدامة في مواجهة التحديات البيئية والمناخية.
مشاريع هامة في مجال الهيدروجين الأخضر
كما تناول الوزير في مداخلته موضوع تطوير الهيدروجين الأخضر، مبرزاً مشروع “SouthH2 Corridor” الذي يهدف إلى نقل الهيدروجين النظيف من الجزائر إلى أوروبا، وخاصة إلى إيطاليا وألمانيا، ضمن شراكات مبتكرة ومستدامة. وقال إن هذا المشروع يمثل خطوة هامة نحو تعزيز الشراكة الطاقوية بين الجزائر ودول أوروبا في مجال الطاقة المتجددة.
مشروع Medlink للتكامل الطاقوي الإقليمي
وفي سياق تعزيز التعاون الإقليمي، سلط الوزير الضوء على مشروع “Medlink” الذي يهدف إلى إنشاء كابل كهربائي بحري عالي التوتر لربط الجزائر بإيطاليا، والذي تم اقتراحه كمشروع ذي منفعة مشتركة أمام المفوضية الأوروبية. كما أشار إلى الاتفاق الثلاثي بين سونلغاز وسوناطراك وإيني، الذي يهدف إلى تصدير الكهرباء الخضراء من الجزائر إلى أوروبا، مؤكداً أن هذا المشروع سيسهم في تعزيز مكانة الجزائر كمزود موثوق للطاقة المتجددة. وأشار إلى أن الجزائر بصدد تنفيذ برامج لربط شبكتها الكهربائية بدول الجوار مثل ليبيا، مصر، موريتانيا ودول الساحل، مما يساهم في تعزيز دور الجزائر كقطب طاقوي إقليمي قادر على ربط إفريقيا بأوروبا في مجال الطاقة.
مداخلة في الجلسة العامة
و في الجلسة العامة الافتتاحية للمؤتمر، التي كانت بعنوان “سيناريو الطاقة – وجهة نظر مؤسساتية وشراكاتية”، قدم الوزير مداخلة تناول فيها مرتكزات السياسة الوطنية الجزائرية في مجالات الطاقة، المناجم والطاقات المتجددة. وأوضح أن هذه السياسة تهدف إلى ضمان الأمن الطاقوي على المدى الطويل ودعم النشاط الاقتصادي. ومن خلال توفير الموارد الطاقوية والمعدنية، مع التأكيد على أولوية التحول الطاقوي عبر إدماج الطاقات المتجددة وترشيد الاستهلاك لضمان استدامة الموارد للأجيال القادمة. وأكد أن السياسة الوطنية للطاقة ترتكز على تعزيز احتياطي المحروقات، تثمين الإنتاج الخام، وتطوير مشاريع كبرى في قطاع المناجم، مع التركيز على معادن استراتيجية مثل الحديد، الفوسفات، الزنك، الليثيوم والذهب. كما شدد على ضرورة تنويع المزيج الطاقوي باستخدام الطاقات المتجددة والهيدروجين، بالإضافة إلى تثمين البحث العلمي، التكنولوجيا الحديثة، الرقمنة والذكاء الاصطناعي في القطاع.
الغاز الطبيعي كأداة للانتقال الطاقوي
وفي رده على أسئلة المشاركين، أكد الوزير أن الجزائر لا تعتبر الغاز الطبيعي مجرد مصدر اقتصادي، بل أداة محورية في الانتقال الطاقوي. وأشار إلى التكامل بين الغاز والطاقات المتجددة، وهو ما سيسهم في ضمان أمن ومرونة المنظومة الطاقوية في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
دعم الجزائر لـ”خطة ماتي”
وفي ختام مشاركته، أعاد محمد عرقاب التأكيد على دعم الجزائر الكامل لمبادرة “خطة ماتّي” التي تقودها إيطاليا، مشدداً على استعداد الجزائر للعمل مع جميع الشركاء الدوليين لبناء منظومة طاقوية متكاملة وعادلة وشاملة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، تركز على الإنسان، المناخ والتنمية المستدامة.
إيمان عبروس


























