أشرف وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، الإثنين، من ولاية وهران وخلال إشرافه على انطلاق فعاليات معرض ومؤتمر إفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط للطاقة والهيدروجين “ناباك 2024” تحت شعار “الموازنة بين المحروقات والطاقات النظيفة من أجل تحقيق مزيج طاقوي فعال” والذي سيتناول مواضيع الساعة والتي ترتبط بمختلف مصادر وأنماط إنتاج الطاقة بمختلف أنواعها وكذا التقنيات الحديثة والنظيفة والابتكارات منخفضة الكربون، بالإضافة إلى دور الغاز الطبيعي والهيدروجين في الانتقال الطاقوي العالمي مع التأكيد على دور الهيدروجين كحل واعد لإزالة البصمة الكربونية.
وفي كلمة له بالمناسبة، أكد عرقاب، أن المشاركين سيتبدالون المواضيع ووجهات النظر والخبرات والتقنيات الحديثة، بالإضافة إلى مناقشة فرص التعاون والشراكة والاستثمار في مختلف سلاسل قيمة المحروقات والطاقات النظيفة وكذا تسليط الضوء على التحديات والفرص من أجل انتقال طاقوي فعال وسلس وكذا خفض البصمة الكربونية والتخفيف من آثارها على المناخ. واعتبر عرقاب، أن هذا المؤتمر منصة للمستثمرين في مجال الطاقة والهيدروجين يسمح لهم من عرض أحدث التقنيات والمنتجات والخدمات المطورة حاليا على المستوى الدولي من أجل بناء علاقات من شأنها أن تؤدي إلى شراكات ناجحة بين مختلف الفاعلين. بالرجوع إلى السياسة التنموية لقطاع الطاقة والمناجم -يضيف عرقاب- وفي ظل التحولات التي يشهدها العالم في هذا القطاع، تسعى الجزائر للتكيف مع السياق الدولي والاستجابة في نفس الوقت للطلب الوطني المتزايد على الطاقة مع المساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد عبر تمويل الاقتصاد الوطني من خلال الحفاظ على مستويات مقبولة من عائدات المحروقات وترتكز هذه المساعي على سياسة طوعية تهدف إلى المضي بحزم نحو تحقيق انتقال طاقوي بشكل تدريجي ومسؤول، عبر اعتماد مزيج طاقوي أكثر تنوعًا يأخذ بعين الاعتبار كل الطاقات المتاحة والأكثر نظافة كالهيدروجين الأخضر مع الاستفادة من المكاسب الناتجة عن تحسين كفاءة الطاقة والعمل على التحكم في استهلاك الطاقة من أجل الحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة. وفي ذات السياق، أكد الوزير أن الشروع في انتهاج سياسة الانتقال الطاقوي لا يعني التخلي عن الوقود الاحفورية خاصة الغاز الطبيعي، الذي هو بمثابة الوقود الذي يسمح بمواكبة الانتقال الطاقوي العالمي، إذ يعتبر الغاز موردًا أساسيًا للتنمية الشاملة والمستدامة في العالم، وكواحد من أنجع الحلول وأكثرها عملية وأقل تكلفة وهو يحتل مكانة بارزة في خرائط الطريق للعديد من البلدان للانتقال إلى نظم طاقوية نظيفة. في هذا الإطار، يؤكد عرقاب أن الجزائر تواصل مجهوداتها في أعمال البحث والاستكشاف وتوسيع قاعدة احتياطاتها وزيادة قدراتها الإنتاجية وكذا تحسين نسبة الاستخلاص لاحتياطاتها البترولية والغازية وتثمين وتطوير الصناعة البتروكيماوية خاصة الأسمدة من أجل دعم وتحقيق الأمن الغذائي في الجزائر والدول الإفريقية، بالإضافة إلى تعزيز قدرات النقل من أجل الحفاظ على دورها وتعزيز مكانتها كمورد يحظى بالمصداقية والموثوقية في السوق الدولية. في هذا السياق، تخطط الجزائر إلى تنفيذ استثمارات كبيرة في قطاع الطاقة خلال الفترة 2024-2028، تشمل خاصة مشاريع تعزيز طاقات الإنتاج وتحويل المحروقات الذي يتطلب دعم تكنولوجي وفني وفقا لمختلف الشراكات والصيغ التعاقدية من خلال قانون المحروقات الذي يسمح بما يتضمنه من امتيازات وتحفيزات هامة في استقطاب المتعاملين الدوليين للاستثمار في قطاع الطاقة. ومن هذا المنطلق، سوف تقوم الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات (ALNAFT) بإعلان مناقصة أولى “Algeria Bid Round 2024” في إطار قانون المحروقات الجديد والتي تمثل خطوة مهمة في جذب الاستثمارات والمتعاملين الأجانب في تطوير قطاع المحروقات. من جهة أخرى، اعتبر عرقاب أن تطوير الهيدروجين من بين الأهداف الأولية للحكومة الجزائرية، حيث تهدف إلى جعله ناقلا استراتيجيا، احتراما منها لالتزاماتها المناخية، وبرنامجها من حيث الانتقال الطاقوي. وأضاف الوزير، أن بلادنا تتمتع بميزات هامة تؤهلها لأن تصبح رائدا إقليميا رئيسيا في هذا المجال، ولا سيما بفضل إمكاناتها في مجال الطاقة الشمسية وشبكة نقل واسعة للكهرباء والغاز قدرات كبيرة من وحدات تحلية المياه، بالإضافة إلى توفرها إلى الأتربة والمعادن النادرة. وتحقيقا لهذه الأهداف، سوف نقوم اليوم بإمضاء عدة مذكرات تفاهم هامة والتي سيتم بموجبها إجراء دراسات الجدوى لمشروع خط أنابيب الهيدروجين SoutH2 Corridor، والذي سيربط الجزائر بأروبا عبر تونس للوصول إلى ألمانيا وإيطاليا والنمسا. وأكد في ذات السياق، أن هذه المذكرة تتضمن إجراء دراسات الجدوى بشكل مشترك لتنفيذ مشروع متكامل عبر جميع سلسلة القيمة للهيدروجين، حيث تسعى كل من سوناطراك، VNG SNAM VERBUND SEA CORRIDOR من خلال إنجاز الممر الجنوبي لنقل الهيدروجين تزويد السوق الأوروبية بالهيدروجين الأخضر، ونقل ما يقارب 4 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا على المدى المتوسط والبعيد. كما كشف عرقاب، أن هذا الملتقى سيشهد توقيع على مذكرة تفاهم أخرى بين مجمع سوناطراك والشركة الإسبانية سيبسا (CEPSA)، بهدف تعزيز التعاون في مجال الهيدروجين الأخضر، من خلال دراسة الجدوى الفنية والاقتصادية لمشروع إنتاج الهيدروجين بطاقة 200 ميغاوات وإمكانية تصدير هذا الهيدروجين نحوي إسبانيا عبر المنشآت الموجودة. من جنب آخر، كشف عرقاب، عن تنظيم ندوة دولية حول الهيدروجين الأخضر في الجزائر في شهر أفريل 2025 والتي ستكون فرصة لعرض آخر التطورات التكنولوجية والاقتصادية في مجال الهيدروجين على المستوى الإقليمي والدولي. وفي سياق مغاير، أكد عرقاب، أن الجزائر تعمل على تحقيق توازن بين تطوير مواردها الطبيعية والمحافظة على البيئة، متبنية مفهوم الابتكار كركيزة أساسية لتحقيق مستقبل طاقوي مستدام، ومساهمة منها في الانخراط في التحول الطاقوي على الصعيدين الوطني والدولي قد تم الشروع في تنفيذ البرنامج الوطني للطاقات المتجددة، الذي تصل قدرته الإجمالية إلى 000 15 ميغاواط من الطاقة الكهروضوئية بحلول عام 2035، اين تم الشروع من قبل شركة سونلغاز في إنجاز 3200 ميغاواط كمرحلة أولى. وتهدف الجزائر إلى أن تصبح مركزًا رئيسيًا للطاقة على المستوى الإقليمي ومفترق طرق لتبادل الطاقة بفضل العديد من المشاريع العملاقة الطموحة. وأكد عرقاب، أن المشروع سيكون الضخم لربط شبكة كهرباء الجنوب الكبير بالشبكة الشمالية حافزًا كبيرًا للتكامل الها للطاقات المتجددة. وباستثمار يتجاوز 3 مليار دولار، ستعمل هذه الشبكة على تعزيز إمدادات الكهرباء المحلية وفتح آفاق التصدير إلى أوروبا، مع إنشاء طرق جديدة لتزويد البلدان المجاورة والمرور إلى أعماق أفريقيا. من هذا المنطلق -يضيف عرقاب- أن المشروع المدمج ميدلينك والمتمثل في انجاز حوالي 5000 ميجاوات من الطاقة المتجددة مع انجاز شبكة نقل عبر خط بحري بقدرة 2000 ميجاوات توترعالي مستمر (HVDC) يربط الجزائر بإيطاليا سيلعب دورًا حاسمًا في تسريع التحول في مجال الطاقة النظيفة مع دعم التنمية المحلية والإقليمية. وأكد الوزير، أن خط أنابيب الغاز عبر الصحراء “TSGP” الذي يربط نيجيريا بأوروبا عبر الجزائر والنيجر يعتبر من المشاريع الاستراتيجية الهامة لما له من أثار اجتماعية واقتصادية لدول العبور والذي سوف يسمح إضافة إلى التنمية المحلية بتحسين أمن الطاقة بين الشمال والجنوب. ويشهد هذا المشروع، تقدما بارزا في الأشغال وسوف يتم إنجازه في الوقت المحدد. وفي سياق متصل، أكد عرقاب، أن الجزائر، انخرطت وبشكل كامل في الديناميكية العالمية لمكافحة تغير المناخ والحد من البصمة الكربونية من خلال تقديم حلول ملموسة، وهذا وفقا لالتزاماتنا في إطار اتفاق باريس وأجندة الأمم المتحدة 2030. وقد تم بذل الجهود للحد من انبعاثاتها واعتماد نهج استباقي لتحقيق ذلك. ومن هذا المنطلق، فإننا نعمل على وضع قاعدة بيانات الانبعاثات الصادرة عن المنشآت المختلفة في صناعة النفط والغاز بهدف الحد من الأحجام والكميات المنبعثة. وأضاف ان شركة سوناطراك تلتزم أيضا بالحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وخفض الحجم الإجمالي للغاز المحترق إلى أقل من 1 بالمائة بحلول عام 2030. بالإضافة إلى ذلك، انضمت الشركة إلى مبادرات مثل مبادرة التخلص من الحرق الروتيني بحلول عام 2030″ و”الهدف إلى صفر غاز الميثان ” للحد من انبعاثات غاز الميثان المرتبطة بعملياتها. أما بالنسبة لتخزين الطبيعي للكربون أكد عرقاب أنه أحد المحاور الرئيسية التي ستنتهجها بلادنا، باستثمار 1 مليار دولار من طرف شركة سوناطراك في مشروع تشجير مساحة 520 ألف هكتار على مدى 10 سنوات. إضافة الى تخزين الكربون، سيسمح هذا المشروع تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية وخلق فرص العمل. وأشار عرقاب، إلى أن الجزائر منفتحة على تطوير الشراكات لاستكشاف التقنيات والحلول التكنولوجية التي تهدف إلى الحد من انبعاثات غاز الميثان، وكذلك الاستخدام الأمثل للغازات المسترجعة، والتي يمكن تثمينها في السوق المحلية والدولية وتثمينا لهذه المجهودات سنقوم كذلك بإمضاء على مذكــرة تفاهــم للتعــاون في مجـال العمل المـناخـي والحد من انبعاثــات الغــازات الدفيئة، خــاصة الميثان بين الجزائــر والولايــات المتحدة. مشيرا إلى أن هذا المؤتمر يعكس الإيمان الراسخ بأهمية التعاون التقني والتكنولوجي لمواجهة التحديات التقنية والاقتصادية المشتركة في قطاع الطاقة التي تتطلب حلولًا جماعية وجهودًا متكاملة. وأكد عرقاب، أن هذه الطبعة ستكون إطارًا مناسبا للتفكير والتشاور ومناقشة المواضيع الهامة بغية الخروج بتوصيات ومقترحات بناءة تصب في مصلحة تطوير الطاقة بصفة عامة والحد من البصمة الكربونية كما ستوفر إطارًا مثاليًا لإقامة شراكات جديدة وطرق تعاون تخدم كل الاطراف. في الختام، أكد الوزير على أن الشراكة والتعاون بين مختلف الفاعلين في الطاقة يجب أن يرتكز على مبادئ المصلحة المشتركة لصالح التنمية الشاملة والمستدامة. من هذا المنطلق نحن نؤيد أي إجراء لمواجهة التحديات العالمية الحالية والمتعلقة بتخفيض البصمة الكربونية وأمن الطاقة، كما ندعم جهود جميع الخبراء لتقديم إجابات وحلول لهذه التحديات الملحة والعمل معًا لبناء مستقبل أفضل وأكثر ازدهارًا واستدامة لشعوبنا.
إيمان عبروس






















