افتتح، السبت، بدار عبد اللطيف بالجزائر العاصمة، معرض فني للتشكيلي أحمد صالح بارة يضم مجموعة من أعماله التي تعرض لأول مرة والتي حاول من خلالها التعبير عن المرأة وحضورها في المجتمع، عبر اللباس والرموز والعادات والتقاليد وغيرها، بكل ما تحمله من دلالات وإيحاءات تشع بالأنوثة والجمال والسحر.
تهيمن المرأة بكل حضورها الجسدي والاجتماعي والروحي على أعمال هذا الفنان العصامي، وهو من مواليد 1970 بسوق أهراس، بما يقدمه من إبداع فني راق ولمسة جمالية عالية تبرز مكانة وحضور المرأة الجزائرية والعربية والإفريقية ومساهمتها في حفظ ونقل التراث والثقافة، بجمالية وحساسية كبيرة.
يقدم الفنان 54 عملا زيتيا من الحجم الكبير والمتوسط، أنجزها بين عامي 2015 و2022، تتيح للزوار الولوج إلى عوالم المرأة في بيئتها الأصلية، إذ يأخذ الزائر من خلالها إلى عالم بديع يعج بالحياة والألوان وحكايا النساء، من الجزائر إلى تونس ومن الصحراء الغربية إلى مصر وصولا إلى هاواي.
يضم المعرض بورتريهات معبرة عن المرأة التارقية والعاصمية والشاوية والقبائلية والتونسية والمصرية وغيرهن، وهن في ملابسهن التقليدية ومحيطهن الطبيعي، تنبعث منها رائحة التراث والثقافة المحلية والحب والإحساس الأنثوي.
فمن خلال وضعيات النساء وكيفيات تجمعهن وهن في فضاءات عائلية أو خاصة يرتدين أبهى الأزياء التقليدية والحلي التي تعكس موروثاتهن الثقافية وكذا طريقة إسدال شعورهن، استطاع بارة بحسه الفني أن يوجد شاعرية خاصة لتلك الأجواء التي تعج بالحياة والأحاسيس النفسية.
وقد تحيل تلك اللوحات إلى تيارات فنية مختلفة كالتكعيبية والمنمنمات والفن الساذج، كما قد يراها العديد من الزوار، إلا أن الفنان يؤكد أن أعماله “جاءت في لحظات عفوية عبر من خلالها عن أحاسيس فنية تجاه المرأة” التي يعتبر أنها “الحامل الأكبر للتراث والثقافة والعادات والتقاليد..”.
وليس من الصعب في هذا المعرض تمييز أعمال تعبر عن الانتماءات الجغرافية والثقافية والعرقية لأولئك النساء، إذ منحت ريشة بارة بعدا أنثروبولوجيا كبيرا لأعماله التي ترصد أجواء متنوعة من الممارسات اليومية للنساء في محيطهن العائلي وخارجه وفي مناسبات مختلفة كالأعراس والزيارات وجلسات الدردشة.
ويظهر ذلك جليا من خلال بورتريهات على غرار “امرأتان من الطوارق” و”ثلاث مصريات” و”امرأة شاوية تحضر الشاي” و”توانسة” و”امرأتان من الصحراء” و”امرأتان إفريقيتان” و”امرأتان من هاواي”.
ويبدو واضحا تأثر الفنان بعالم الفن السابع، إذ تحضر مثلا لوحة بعنوان “ريا وسكينة” في إشارة إلى قصة المصريتين “ريا” و”سكينة” التي تقول المرويات الشعبية إنهما كانتا مجرمتين دمويتين تسببتا في قتل العديد من النساء بمدينة الإسكندرية، وكذا “باية، امرأة من جربة” التي استوحى شكلها من الممثلة المصرية شادية في فيلمها “شيء من الخوف”.
وعن قصص الحب، قدم الفنان “قيس وليلى” في إشارة إلى قصة الحب العربية الشهيرة، بينما أظهرت لوحة أخرى بعنوان “تسامح” امرأة بلباس حساني كالذي ترتديه النساء في جنوب غرب الجزائر والصحراء الغربية.
وبدأ الفنان أحمد صالح بارة مساره في الفن التشكيلي في التسعينيات لما كان في الجامعة قبل أن يتوقف لفترة ليعود من جديد في 2002 بمعرض فردي له بجمعية الجاحظية بالجزائر العاصمة، وليشارك بعدها في العديد من المعارض الجماعية عبر مختلف الولايات.
ويستمر المعرض إلى غاية 12 أوت الجاري، وبإمكان عشاق الفن التشكيلي زيارته للتعرف على هذه الإبداعات واقتنائها أيضا.
ق-ث
