عبر مفتشية عامة لمراقبة صرف المال العام… تبون يطلق يده لمحاصرة مافيا الفساد

elmaouid

الجزائر- قررت حكومة الوزير الأول، عبد المجيد تبون، إخضاع كل الهيئات والهياكل التابعة لها وكذا الهيئات الخاصة التي تستفيد من مساهمات مالية للتفتيش من طرف المفتشية العامة لدى الوزير الأول على أن تقوم

الهيئة بإعداد تقارير دورية بشأن سير تلك المصالح ومدى تنفيذها للقرارات الحكومية والإجراءات التي يتخذها رئيس الجمهورية.

وتعد الهيئة الجديدة التي أنشأها الوزير الأول، وتم الإعلان عنها في العدد 38 من الجريدة الرسمية، بمثابة جهاز للاستعلام يتكفل بتقييم تطبيق السياسات العمومية المحددة في إطار مخطط عمل الحكومة.

وتأتي المفتشية العامة، تنفيذا لتأكيدات الوزير الأول عبد المجيد تبون، في وقت سابق، بخصوص عزم الدولة على محاربة الفساد والمحسوبية على كل الأصعدة، مشيرا إلى أنّ الفساد يبدأ من الممارسات التقليدية في الإدارة، حيث سيتم استحداث آلية جديدة مبتكرة للاهتمام بانشغالات المواطنين.

وكان الوزير الأول، عبد المجيد تبون، قد كشف في تصريحات حول إهدار الحكومات السابقة ما يقارب 70 مليار دينار جزائري (1 مليار دولار) في مشاريع صناعية فاشلة بسبب سوء التخطيط والإدارة، عن مؤشر باتجاه إقرار حكومي جديد حول انتشار الفساد وسوء الإدارة وإهدار المال العام، وهو ما توج بالإعلان عن المفتشية العامة.

وبالرجوع إلى مهام المفتشية العامة فإنها ستكلف بمهمات التفتيش والمراقبة وتقييم مدى تطبيق التشريع والتنظيم اللذين يحكمان سير مصالح الدولة والجماعات الإقليمية والمؤسسات والهيئات والهياكل التابعة لها، وكذا الهيئات الخاصة التي تستفيد من مساهمات مالية من الدولة.

ومن مهام اللجنة أيضا مراقبة مدى تطبيق وتنفيذ تعليمات وقرارات رئيس الجمهورية والوزير الأول التي تم اتخاذها في مجالس الوزراء وفي اجتماعات الحكومة.

وتقوم هذه المفتشية العامة أيضا بمراقبة إنجاز مشاريع الاستثمار والتنمية، وكذا نوعية تسيير المصالح المذكورة آنفا والخدمات المقدمة من طرفها بحسب نص المرسوم التنفيذي المؤرخ في 28 جوان الماضي.

ويسير هذه الهيئة مفتش عام يساعده من 10 إلى 20 مفتشا، بحسب المرسوم الذي يوضح أن توزيع المهام وبرنامج عمل المفتشين يتم تحديدها من طرف الوزير الأول بناء على اقتراح المفتش العام، كما تمارس المفتشية مهامها من خلال مهمات رقابية يمكن أن تكون فجائية أو معلنة فضلا عن ذلك يمكن أن يكلفها الوزير الأول بالتحقيق في وضعيات خاصة أو استثنائية.

وتعتمد الهيئة في تدخلاتها على مساعدة ومساهمة أجهزة التفتيش والرقابة وكذا الهياكل المركزية والمحلية للإدارة المعنية، كما يخول للمفتش العام والمفتشين المساعدين في إطار تدخلاتهم المطالبة بأي معلومة والاطلاع على أي وثيقة تتعلق بنشاط الهيكل محل التفتيش ونسخها عند الاقتضاء.

ويضيف المرسوم أن كل امتناع عن تقديم الوثائق المطالب بها من طرف المفتشين او رفض تمكينهم من الاطلاع عليها أو رفض تقديم المعلومات التي يطلبونها أو أي عرقلة لممارسة مهامهم لأي سبب كان، يتم إخطار السلطة السلّمية المعنية لاتخاذ الإجراءات الضرورية.

وفي حالة معاينة وقائع خطيرة تلحق ضررا بحسن سير المصلحة أو الهيئة محل التفتيش يتعين على المفتش أن يخطر فورا السلطة السلّمية أو الوصاية المعنية لاتخاذ كل إجراء تحفظي تراه مناسبا، حيث ستتوج كل مهمة تفتيش بإعداد تقرير يرسله المفتش العام إلى الوزير الأول.

من جهته، يعد المفتش العام تقريرا سنويا عن النشاطات يدون فيه ملاحظاته واقتراحاته حول سير المصالح المعنية ويرسله إلى الوزير الأول.

وبالنظر إلى مهام المفتشية العامة، الواردة في المرسوم، فإنه من المنتظر شن حرب على مافيا الفساد المستشري في كل المجالات، بالإضافة إلى وقف انتهاك حرمة المال العام في الجزائر، من قبل أيادي “الناهبين” لثروات الشعب وكذا وقف تبديد المال في مشاريع غير مجدية وتهريب العملة الصعبة ووضع حد لمافيا الاستيراد.

كما يأتي الإعلان عن الهيئة في سياق جهود معلنة من طرف الجهاز التنفيذي لمحاربة الفساد، حيث يعتبر الوزير الأول، عبد المجيد تبون، أول مسؤول يعترف صراحة ودون مواربة بأنَّ البلاد قد ضيعت أكثر من 7000 مليار سنتيم في مشاريع لا جدوى منها، وهو ما يعكس رغبة الوزير الأول في إرساء قواعد الشفافية وإطلاع الرأي العام على الحقائق والأرقام التي تمَّ التعتيم عليها إعلامياً في عهد سلفه عبد المالك سلال.

وكان لافتاَ ما قام به الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والذي لم يكن متوقعاً في نظر الكثيرين، إذ قام بإصدار مراسيم وأوامر رئاسية عاجلة كان من أهمها منع العشرات من الشخصيات وكذلك بعض كبار المسؤولين السياسيِّين من السفر خارج البلاد وتجميد أرصدة وحسابات البعض منهم وفتح تحقيقات معمقة معهم  للاشتباه بضلوعهم في قضايا فساد مالي وتبديد أموال عمومية.

والظاهر أن الوزير الأول، عبد المجيد تبون قد أخذ من رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، الضوء الأخضر وكل التطمينات السياسية والدعم المعنوي لإطلاق يده في تنفيذ ما يراه مناسباً من أجل تنفيذ هذه المهمة الصعبة، ليبقى التساؤل المطروح بالنسبة للرأي العام الوطني هو كالتالي: هل ينجح الوزير الأول  في سعيه لمحاربة الفساد بأنواعه في الجزائر؟