احتضنت الجزائر، السبت، فعاليات الافتتاح الرسمي للملتقى الكشفي العربي لرواد الكشافة والمرشدات، الذي تنظمه الكشافة الإسلامية الجزائرية بمشاركة وفود من مختلف الدول العربية، وذلك تزامنا مع إحياء اليوم الوطني للكشافة المصادف لـ27 ماي، إحياء للذكرى الرابعة والثمانين لاستشهاد القائد الرمز محمد بوراس، مؤسس الكشافة الإسلامية الجزائرية.
الملتقى الذي جرى تنظيمه برعاية وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، شكل منصة عربية جامعة لأجيال من الرواد والعمداء في الحركة الكشفية، وجاء تتويجا لمسيرة حافلة بالبذل والعطاء من أجل ترسيخ قيم المواطنة، التطوع، وخدمة المجتمعات، بما يعكس وحدة الصف العربي تحت راية الحركة الكشفية.
حمزاوي: الكشافة الجزائرية مدرسة التحرير والبناء

وفي كلمته الافتتاحية، أكد القائد العام للكشافة الإسلامية الجزائرية، عبد الرحمن حمزاوي، في كلمة مؤثرة، أن اختيار الجزائر لاحتضان هذا الملتقى العربي هو تكريم مستحق لحركة كشفية ارتبط اسمها تاريخيا بالنضال الوطني. وقال حمزاوي: “إن الجزائر لا تحتفي فقط بالرواد، بل تكرم من خلالهم مسيرة كفاح وتحرير، لأن الكشافة الإسلامية الجزائرية كانت الحاضنة الأولى لقيادات ثورة نوفمبر، حيث كان 18 من بين مجموعة الـ22 التاريخية من الكشافة”. وأشار حمزاوي، إلى أن الرئيس عبد المجيد تبون أقر يوما وطنيا خاصا بالكشافة الإسلامية الجزائرية، وهو ما اعتبره “سابقة فريدة في العالم العربي، تعكس مكانة هذه المدرسة الوطنية في وجدان الدولة والمجتمع”. كما عبر عن تضامن الجزائر الثابت مع القضية الفلسطينية، قائلا: “في كل المحافل، كانت الجزائر ولا تزال صوتا للحق الفلسطيني، وها هي اليوم تستضيف الأشقاء الفلسطينيين بين إخوانهم الكشفيين العرب، في تأكيد على أن فلسطين ستظل قضيتنا المركزية التي لا تقبل المساومة”.
القائد حاج تاقي: الجزائر أوفت بالعهد الكشفي العربي

من جهته، عبر القائد حاج تاقي، المسؤول الوطني لقسم الرواد والعمداء بالكشافة الإسلامية الجزائرية، عن اعتزازه باحتضان الجزائر لأول مرة لهذا الحدث الكشفي العربي المميز، مؤكدا أن ذلك يجسد روح الوفاء التي تميز الكشافة الجزائرية تجاه الرواد المؤسسين الذين أسهموا في صنع تاريخ مشرف للحركة الكشفية العربية. وقال القائد تاقي: “هذا اللقاء المبارك هو أكثر من مناسبة تنظيمية، إنه تأكيد حي على وحدة الصف العربي الكشفي، وعلى دور الرواد في تعزيز القيم النبيلة والانتماء وروح التعاون في أوساط الشباب والأجيال الجديدة. واستضافة الجزائر ليست مجرد استقبال، بل هو التزام تاريخي تجاه رسالة الرواد، وحرص على تبادل الخبرات واستشراف مستقبل أكثر إشراقا لحركتنا الكشفية”.
الشيخ المأمون القاسمي عميد جامع الجزائر: الكشافة مدرسة تربوية ربانية

وفي كلمة ذات بعد روحي وتربوي، تحدث فضيلة الشيخ محمد المأمون القاسمي، عميد جامع الجزائر، عن البعد الإنساني والديني للحركة الكشفية، معتبرا إياها “مدرسة أصيلة في بناء الإنسان، غرست في الأجيال القيم الروحية والوطنية، وربطت بين التربية والتعليم، بين النظرية والممارسة، بين القول والسلوك”. وأضاف: “مدرسة الكشافة الإسلامية الجزائرية أعدت أجيالا صالحة كانت سندا للثورة، وهي اليوم سند للبناء. وإن ما يميزها هو اعتمادها على التوجيه الراشد والتربية على المبادئ لا على التلقين، وهذا ما نحتاجه في مؤسساتنا التعليمية والإعلامية على السواء”. وختم الشيخ القاسمي مداخلته، بالدعاء بالتوفيق لهذا الملتقى، معبرا عن اعتزازه بمشاركة ممثلي الكشافة من شتى الأقطار العربية، ومشيدا بروح الانسجام التي لمسها بين الحضور.
ملتقى الرواد.. تجسيد لأصالة الكشافة العربية
تميزت أجواء الافتتاح بعروض كشفية تستعيد أمجاد الرواد الأوائل. كما تم تكريم عدد من الشخصيات الفاعلة في الحركة الكشفية العربية. ومن المقرر أن تتواصل فعاليات الملتقى على مدار 4 أيام، تتخللها ورشات نقاش وجلسات تقييمية، إضافة إلى تقديم عروض وتجارب كشفية من مختلف البلدان العربية المشاركة، بما يعزز تبادل الخبرات ويسهم في توحيد الرؤية الكشفية العربية. الملتقى الكشفي العربي للرواد والعمداء، وبما يحمله من رمزية مكان وزمان، يجدد العهد على أن الكشافة ليست فقط نشاطا تطوعيا، بل مشروع وطني وإنساني جامع، يسعى إلى إعداد أجيال تؤمن بخدمة الوطن، وتتمثل قيم التضامن، وتتسلح بأخلاق راسخة في سبيل بناء مستقبل عربي مشترك أكثر وحدة وإشراقا.
محمد بوسلامة