نشر الفنان التشكيلي الجزائري عبدالحليم كبيش على شبكة التواصل الاجتماعي صورة عن لوحة تعبيرية جديدة له عنونها _جمال بن إسماعيل_. اللوحة لا تخرج عن سياق ما قدّمه الفنان سابقا، منذ بداية حياته وشهرته الفنية التي أطلقتها لوحته المعنونة بـبعث، لناحية ميلها إلى التعبيرية الغنائية ووقوفها إلى جانب الإنسان المقهور بشكل عام والموجود على الأرض العربية بشكل خاص، ولكنها لوحة كسائر أعماله أيضا، تتميّز بمعالم خاصة بها أخرجتها من النمطية المملة.
عبر صفحته الفيسبوكية نشر التشكيلي الجزائري كبيش العديد من الصور لعمله الفني الجديد المعنون بـ_جمال بن إسماعيل_، وأرفق الصور بهذه الكلمات _رأيت الفنان فان غوغ في الحلم يبحث عن لوحته _أزهار شجرة اللوز_ بين الأجساد المُفحّمة. كان المشهد حزينا!.
ثم يضيف في موقع آخر، قائلا اعذرني صديقي ما وجدت قيثارتك، قرأت في الأخبار أنها هي أيضا تفحّمت.. سأحتفظ فقط بلوحتك لأهرب إليها من رماد الحياة!.
هذا الصديق، وحسب قول بعض أصدقاء له، هو شاب دمث الأخلاق ومرح الروح ومالك لقلب من ذهب. أما الصداقة التي تكلم عنها الفنان على أنها جمعته مع جمال فمنطلقها ليس من المعرفة الشخصية، ولكن من كونها تعاطفا شديدا مع إنسانيته وحبه للفن وممارسته له، تارة من خلال رسم اللوحات المعبّرة عن أفكاره الحسّاسة، وتارة أخرى من خلال العزف على القيثارة والغناء الذي تميّز بنكهة جزائرية هي أيضا، كلوحات الفنان كبيش، خارجة من رحم حبّ الوطن ومناصرة الإنسانية.
العمل الفني الجديد للفنان كبيش يجسّد، بل يجمّد لحظة الشاب بن إسماعيل ما قبل الأخيرة بجليد حارق كالنار التي اجتاحت جسده والغابات التي أراد أن ينقذها مع أهل تيزي وزو، فسقط بدلا عن ذلك ضحية إجرام مسؤولي المحافظة في حقه بزعم تورّطه في إحراق الغابات فيها.
لوحة الفنان كبيش تعبر عن قدرة فائقة على اختزال الألم في وجه ووضعية الشاب النحيل المرسوم، وكذلك خلفية اللوحة حيث سخام الحرائق والدخان الكثيف الحاضن لتطاير الشرر الذي بدا خارجا من جسده المتأذّى أكثر ممّا هو منهمر عليه. يظهر أيضا جزء صغير في أسفل اللوحة من القيثارة الخاصة بالشاب الذي علم الفنان باحتراقه مع صاحبه.في اللوحة تلك تبدو ملامح جمال في حالة تأمل وأسى رغم آنية اندلاع الحرائق، كما تأثر قلب المُشاهد بالسحنة الباهتة للشاب في قلب جحيم لا لبس فيه. ولا بد هنا من ذكر اللوح/الدفتر الصغير الذي يحمله الشاب.
وهذا العنصر بالتحديد هو المَعلم الخاص بهذه اللوحة بالذات والذي جعل العمل الفني مختلفا عن باقي أعمال الفنان المسكونة كلها بهاجس الإنسانية المذبوحة، أو تلك التي صوّرت بطولات إنسانية كما رأينا في لوحاته التي جسّد فيها أفرادا من الطاقم الطبي في كفاحه ضد تفشي وباء كوفيد _ 1
والفنان الجزائري عبدالحليم كبيش من مواليد 23 أكتوبر عام 1972 في جيجل وهو حاصل على دبلوم الدراسات العليا من المدرسة العليا للفنون الجميلة سنة 1998 في تخصص الرسم الزيتي. له العديد من المشاركات على المستوى المحلي الوطني والدولي وهو حائز على الميدالية الذهبية الخاصة بمختلف الاتجاهات الفنية التشكيلية، والميدالية الفضية الخاصة باتجاه الفن التعبيري المعاصر في المسابقة العالمية لمحترفي الفن، التي نظمتها الأكاديمية العالمية للفنون بفرنسا.
ب/ص
