عبادة يغفُل عنها الناس

 عبادة يغفُل عنها الناس

من توفيق الله تعالى للعبد أن يستثمر عمره فيما ينفعه، وينفق أوقاته وأمواله وأعماله فيما يبني آخرته، فإذا كان يعتني بالأزمنة الفاضلة أكثر من غيرها ضوعف له الأجر، وجنى من الخيرات والحسنات ما لم يجن غيره، ومن الناس من عمره في طاعة الله تعالى أكثر من سنوات عيشه؛ لأنه استفاد من الأعمال المضاعفة، واستثمر الأزمنة الفاضلة. والمكث في المسجد عبادة يغفُل عنها كثيرٌ من الناس، وتتأكد في الأزمنة الفاضلة؛ لأنها طاعة تقود إلى طاعات، ويحصل بها كثير من الأجور والحسنات. ومن فضائل المكث في المسجد: أنه سبب للاستظلال يوم القيامة؛ فمن السبعة الذين يظلهم الله تعالى يوم القيامة رجل قلبه معلق بالمساجد، وهو حديث في الصحيحين. وفي رواية لمسلم “وَرَجُلٌ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ، إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ”، وما تعلق قلبه بالمسجد إلا لحبه إياه، وحبه المكث فيه، ومن أحب المسجد فقد أحب ما يحب الله تعالى؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا” رواه مسلم.

ومن فضائل المكث في المسجد: أنه صلاة ما دام صاحبه ينتظر الصلاة، والملائكة تدعو له، ودعاء الملائكة مستجاب؛ فإنهم ” لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ” التحريم: 6. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “المَلاَئِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، لاَ يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَةٍ مَا دَامَتِ الصَّلاَةُ تَحْبِسُهُ، لاَ يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْقَلِبَ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا الصَّلاَةُ” متفق عليه.

ومن فضائل المكث في المسجد: أنه مكفر للخطايا؛ كما في الحديث القدسي في اختصام الملأ، وفيه: فَقَالَ الله تعالى: “يَا مُحَمَّدُ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبِّ، قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ المَلَأُ الأَعْلَى؟ قُلْتُ: فِي الكَفَّارَاتِ، قَالَ: مَا هُنَّ؟ قُلْتُ: مَشْيُ الأَقْدَامِ إِلَى الجَمَاعَاتِ، وَالجُلُوسُ فِي المَسَاجِدِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ” رواه الترمذي. وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ”. رواه مسلم.