إن المتأمل في هذا الكون العجيب لَيتعجب من كثرة خلق الله؛ ما بين عظيم وصغير، وما بين جماد وذي روح، وإنك لتعجب من عِظَمِ خلق الله، ومن خلق الله السماوات والأرض والنحل والنمل، فعالمها عالم تحار فيه العقول، وتتشتت فيه الأفكار؛ ففيها تنوع من عجيب خلق الله، فمنها ما يطير، ومنها ما يمشي على رجلين، ومنها ما يمشي على أربع أو على أكثر من ذلك، ومنها ما يُرى بالعين المجردة، ومنها ما لا يرى، اختلفت أشكالها وألوانها، وتباينت أحجامها وصفاتها، وتنوعت أصواتها؛ وكما قال تعالى: ” هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ” لقمان: 11. وهذه الحيوانات تسعى لرزقها الذي سخره الله لها؛ قال تعالى: ” وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ” هود: 6. إن من هذه الحشرات ما خلقه الله لينفع البشر كالنحل؛ كما قال تعالى: ” يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ” النحل: 69، وقد يجعل الله من هذه الحشرات عذابًا للعصاة والطغاة كالجراد والقمل؛ قال تعالى: ” فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ ” الأعراف: 133. ومن حكم خلق هذه الحيوانات: إظهار قدرة الله جل وعلا لقوم يتفكرون، ويلحظ كل مطلع عجائبَ امتصاص النحل لرحيق الأزهار، واحترازها من النجاسات والأقذار، وطريقة بنائها لبيوتها، فيا عجبًا كيف ألهم الله النحل – على صغر جرمها ولطافة قَدِّها – هذا العمل المنظم، فسبحانه ما أعظم شأنه، وأوسع لطفه وامتنانه! ومن حكم خلقها: عبوديتها لله تعالى؛ كما قال تعالى: ” كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ” النور: 41، فبعض الحيوانات قد لا يكون فيها نفع للبشر، بل فيها ضرر وخطر، ولكن من حِكم خلقها عبوديتها لله، وإظهار قدرة الله.
من موقع رابطة العالم الإسلامي