للتفاؤل بعام دراسي موفق

عادات اليوم الأول للمدرسة.. لمسات الجدات الخالدة

عادات اليوم الأول للمدرسة.. لمسات الجدات الخالدة

توارثت الجزائريات بعض العادات الخاصة باليوم الأول في المدرسة، حيث تقوم الكثيرات منهن بتحضير “الخفاف” أو “البراج” لجذب الفأل الحسن من أجل عام دراسي ناجح.

تقوم الأمهات بتهيئة أبنائهن الصغار بشراء ملابس جديدة والتحدث معهم عن مميزات وفوائد المدرسة، لتحبيب الطفل بالدراسة ولتحضيره نفسيا للدخول إلى عالم جديد يكتشفه لأول مرة، ويُضاف إلى ذلك تحضير بعض الأطباق التقليدية خلال اليوم الأول وتوزيعها على الجيران أو الأقارب، وهي عادة متوارثة ما زالت هناك من تحافظ عليها، رغم تخلي الكثيرات عنها.

 

الخفاف.. لخفّة الاستيعاب

يعد الخفاف أشهر ما يُحضر بالمناسبة، وهي عادة لا زالت قائمة لا تكتمل الفرحة بهذا اليوم إلا بإعداد الخفاف أو ما يعرف عند البعض بـ “السفنج”، وهو نوع من العجائن الذي كثيرا ما يكون حاضرا على المائدة الجزائرية في مختلف المناسبات، وهو ما عبرت عنه العديد من النسوة ممن التقت بهن “الموعد اليومي” خلال جولتها الاستطلاعية في العديد من شوارع العاصمة، لتقول في هذا الصدد “فريدة” من العاصمة إن من بين العادات التي نقوم بها عند دخول الطفل لأول مرة إلى المدرسة هي طهي ما يعرف بالخفاف الذي يُصنع من الدقيق والخميرة والماء ويترك العجين يخمر جيّدا حتى يتضاعف حجمه، ليكون انتقال الطفل من طور لآخر أسهل وليكون الخفاف لخفة الرأس والقدرة على الفهم والاستيعاب أكثر. وتضيف محدثتنا أن مثل هذه العادات وجدنا أمهاتنا عليها فسرنا على خطى الأجداد، فأنا أتذكر عندما دخلت إلى المدرسة جدتي هي التي قامت بذلك وهو ما يدل على تمسك الجدات أكثر بالعادات والتقاليد. كما أكدت لنا العديد من السيدات، أنهن بقين متمسكات بها، والدليل على ذلك هو مبادراتهن للقيام بها.

 

“المبرجة” لإظهار البهجة

وتختلف العادات الخاصة بهذا اليوم من عائلة إلى أخرى حسب المنطقة التي تنحدر منها العائلة، فهناك عائلات تعد أكلات أخرى مثل الرفيس، البغرير والمبرجة وغيرها من الأطباق الحلوة الخاصة بالمناسبات السعيدة، حيث لا تزال العديد من العائلات محافظة على هذا التقليد الجميل ومن بينها هذه الأسر التي ما زالت متمسكة بهذا الإرث المعنوي والذي له وقع إيجابي وجميل على نفسية الأطفال، نذكر عائلة “سهام” التي تقول إن هذه السنة ستكون المرة الأولى التي تطأ فيها قدما ابنها محسن المدرسة وبما أنها تربت على هذه العادة، فيجب عليها تطبيقها على أولادها، حيث تقول إنها اقتنت لابنها ملابس جديدة وستقوم بتحضير الخفاف في اليوم الأول الذي يذهب فيه ابنها إلى المدرسة وسيكون الخفاف أول ما يتناوله في صبيحة الدخول المدرسي، لتضيف أنها ستقوم أيضا بتوزيع ما قامت بإعداده على جيرانها وأحبابها للتعبير عن فرحتها بدخول ابنها إلى المدرسة، وعن العبرة من تحضير هذا الطبق خصيصا بهذا اليوم، قالت “سهام” بأن الخفاف يحضّر بهذا اليوم تيمنا باسمه أي من الخفة ليكون الطفل سريع البديهة ولديه خفة في استيعاب الدروس، وعن السر وراء حفاظها على هذه العادة، كانت إجابتها بأنها ورثتها عن أمها التي دائما تحثها على ضرورة الحفاظ على كل العادات والتقاليد التي تخلت عنها بعض العائلات الجزائرية، أما “فايزة” وعن الأطباق التي تحضّرها لأبنائها عند توجههم للمدرسة لأول مرة، فقد أجابت بأنها إضافة إلى الخفاف، تقوم بإعداد الحلويات التقليدية فبالنسبة لها يجب أن يكون الطبق المحضّر في هذا اليوم حلوا كي يكون المشوار الدراسي لأبنائها حلوا، لتضيف أنها تقوم بوضع قطعة سكر في فم أبنائها قبل توجههم إلى المدرسة متبعة بذلك عادة أجدادها، وهو ما ستقوم به هذه السنة بمناسبة دخول حفيدتها للمدرسة لأول مرة، وتضيف أن الطفل حين يلاحظ هذا الاهتمام والفرح بدخوله للمدرسة، فهذا يحضّره نفسيا ويحفزه على الدراسة أكثر.

 

عائلات لا تُبالي بالعادات

وأمام جملة الآراء التي أجمعت عليها العديد من النسوة، وجدنا الأخريات منهن تخلين عن هذه العادات وذلك لانشغالهن بأمور أخرى، معتبرات هذه العادات مجرد خرافات لتقول في هذا الصدد “صبيحة”، إن نجاح الطفل لا يحتاج لهذه التقاليد، بل إلى دعم الوالدين وحضورهم الدائم، وعن أسباب تخلي العديد من النساء عن هذه العادات القديمة، تقول “كريمة” إن التغيير حدث حتى في تكوين العائلة والاستقلال عن البيت الأكبر جعل العديد من النسوة يتخلين عن هذه العادات التي كانت تجمع الأسرة الواحدة وكذا الجيران للاحتفال بهذه المناسبة.

 

التحضير النفسي للطفل.. أهم خطوة

وفي خضم تمسك بعض العائلات الجزائرية وتخلي البعض الآخر عن هذه العادات، تقول الأخصائية النفسانية نسيمة فتال: إن التحضير النفسي للطفل قبل الدخول المدرسي بأسابيع أهم شيء، وهو ما يدفع أغلب الأمهات إلى إطلاق عبارات لطيفة من شأنها أن توصلهن إلى الهدف المنشود وهو تحبيب الدراسة للابن كونه في بادئ الأمر يرى في الدراسة الشبح الذي ألزمه على مفارقة ذويه والمكوث بالمدرسة لوحده، لذلك عادة ما تصادفنا مواقف بكائهم الشديد الناجم عن عدم تعودهم على المدرسة في ظل غياب التهيئة النفسية كون العديد من الأسر تهمل ذلك الجانب وتفتقد إلى حسن التصرف مع الطفل الصغير، وتواجه ذلك بالضرب وهو أمر خطأ. وعن هذه العادات التي تلتزم بها الكثير من الأمهات، تضيف محدثتنا أنها عادات قديمة متوارثة عن الجدات اللواتي تتفاءلن خيرا بها وتهدف كلها إلى التهيئة النفسية للطفل وكذا تحبيب المدرسة له بعد ارتباطه الطويل بأسرته وانفصاله عنها مرة واحدة، لذلك راحت بعض الأمهات إلى اعتماد طرق وحيل مثل طهي بعض الحلويات التقليدية وإعطائه السكريات وغيرها من الحلويات وهي طرق بسيطة تعتمدها النسوة صبيحة الدخول المدرسي من شأنها أن تقرب الطفل الصغير من المدرسة وتجذبه نحوها، بحيث تنهض أغلب النسوة لإعداد الخفاف وهو أكلة معروفة ذاع صيتها بين الجزائريين وهي تجذب الفأل الحسن ورمز للخفة بدليل اسمه، واعتمد تحضيره للطفل الصغير تيمنا بخفة رأسه في فهم الدروس كما هو معروف عند الجدات. وتضيف محدثتنا أن هذه الأخيرة هي مجرد عادات للتعبير عن فرحة العائلة بدخول ابنها لأول مرة للمدرسة، لا شيء غير ذلك.

لمياء. ب