ظاهرة تأخر الزواج

ظاهرة تأخر الزواج

خلق الله تعالى البشر، واستعمرهم في الأرض، وجعل الزواج سنتهم لتناسلهم، وأمرهم بإقامة دينه، والدعوة إليه، وتوارثه جيلا بعد جيل، إلى أن يأذن الله تعالى بنهاية الدنيا، وانتقال البشر إلى الدار الآخرة. فالتناسل ضرورة من ضرورات بقاء المخلوقات، والزواج وسيلته الشرعية في البشر؛ فإن تناسلوا بلا زواج أثموا وحلت بهم العقوبات. وإن تناسلوا بزواج أجروا على شهواتهم، وعلى ما ينتج عنها من النسل. “…وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ” رواه مسلم. وظاهرة امتلاء البيوت بالبنات، وعزوف الشباب عن الزواج ظاهرة لا تبشر بخير، ولا تنتج إلا شرا، ولا تقود إلا إلى فتنة تصيب الشباب والفتيات بالإثم، وتأتي على الآباء والأمهات بالهم والغم، وعلى المجتمع بالترهل والشيخوخة والانحلال كما وقع في المجتمعات الغربية التي عزف رجالها ونساؤها عن الزواج ليسر الحرام فيها. وإذا كان كل الأطراف يصيبهم شؤم انحسار الزواج في المجتمع بأنواع من الشرور والآثام كان واجبا على الجميع أن يتداعوا لبحث أسبابه، وفتح أبوابه، وإزالة موانعه، ودعوة الشباب والفتيات إليه. وإلا حل الحرام محل الحلال، وتحول إلى ثقافة وسلوك في الناس، فوقع الشباب والفتيات في الحرام، وأصيبت الأسر بالإثم والعار، وتنزلت العقوبات بسبب فشو الفواحش في المجتمعات.

فالشباب لا يجوز لهم العزوف عن الزواج؛ لأن العزوف عنه خلاف سنن المرسلين عليهم السلام، ومناقض للفطرة السوية، وترك الزواج بلا مانع صحيح سبب للعقد النفسية؛ لأن الزواج سكن وطمأنينة ومودة ومحبة ” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ” الروم: 21. ولما أراد ثلاثة أن يتبتلوا بقيام الليل كله، وصيام الدهر كله، والعزوف عن الزواج قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “…أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي” متفق عليه. وأولياء النساء عليهم تسهيل أمور الزواج، والتخفيف من تكاليفه، ووضع مصلحة البنت في زوج يسترها ويعفها وترزق منه ولدا فوق أي مصلحة دنيوية أخرى من دراسة أو وظيفة أو كون الزوج غنيا أو شريفا يليق بمقامهم، أو نحو ذلك؛ فالبنت يطلب لها الستر والعفة والراحة، ولا يطلب بها النسب والشرف والرفعة. إن على أولياء النساء إن أرادوا نجاح زواج بناتهم وأخواتهم أن يضعوا نصب أعينهم قول الله تعالى ” وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ” النور: 32. وقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ” فالله تعالى يأمرنا أن نزوج الصالحين ولو كانوا فقراء، والنبي صلى الله عليه وسلم يحذرنا من رد من يرضى دينه وخلقه.

من موقع الالوكة الإسلامي