تطمح العديد من النساء الريفيات المنتجات بولاية البليدة، خاصة الشابات إلى تحقيق حلمهن في إنشاء مؤسسة مصغرة متخصصة في مجال فلاحي معين يتماشى مع معارفها المكتسبة، إلا أن هذا الطموح غالبا ما يصطدم بعادات وتقاليد محافظة لا تزال سارية على مستوى المناطق الجبلية.
فحلم الخروج من المنزل وتلقي تكوين يكلل بشهادة معتمدة يساعد المرأة الريفية المنتجة على الحصول على دعم لتجسيد مشروعها، هو أمر “مرفوض” بالنسبة للكثير من العائلات المحافظة البليدية التي لا تتقبل فكرة مشاركة ابنتها في المعارض أو أية فعاليات يمكن أن تفتح لها أبواب لتطوير عملها وتسويق منتجاتها، تقول رئيسة خلية دعم المرأة الريفية بغرفة الفلاحة، زينب العالية مركان تيا.
وأضافت ذات المتحدثة أنه حتى اللواتي يسمح لهن بالمشاركة في دورات تكوينية عادة ما تكون مرفوقات إما بالأخ أو الوالد أو الزوج الذين لا يبدون موافقتهم إلا بعد حصولهم على كافة التطمينات متعلقة خاصة بتوفر محيط “محترم” بحسب منظورهم الخاص.
ظاهرة بدأت في التراجع
ولحسن الحظ – تضيف رئيسة خلية دعم المرأة الريفية – أن هذه الظاهرة “بدأت في التراجع نوعا ما” خلال السنوات الأخيرة، خاصة أن نسبة من النساء الريفيات المنتجات هن شابات جامعيات ينحدرن من أسر ريفية اخترن مواصلة مسيرة عائلاتهن والعمل في المجال الفلاحي.
ويظهر هذا الأمر جليا من خلال الأرقام التي كشفت عنها محافظ قسم الغابات رئيسة مكتب بمحافظة الغابات، رشيدة بوقفة، التي أكدت أن عدد النساء اللواتي استفدن من دعم في إطار برنامج التنمية الريفية الممول من طرف الصندوق الوطني للتنمية الريفية قدر بـ 24 امرأة ريفية وهذا منذ سنة 2002 وإلى غاية 2009 وهذا مقابل استفادة 25 امرأة من دعم مماثل خلال سنة 2018 فقط.
وتمثل هذا الدعم الذي كان مرفوقا بضمان تكوين للمستفيدات في مجال تخصصهن – تضيف السيدة بوقفة- في توزيع خلايا نحل مملوءة وكذا شتلات أشجار مثمرة،
وهو التخصص الأكثر انتشارا بالولاية خاصة الجهة الشرقية منها (بالنظر لطابع الولاية المختصة في زراعة الحمضيات)، مشيرة إلى أن محافظة الغابات مستعدة لتغطية جميع الطلبات المودعة.
جهود حثيثة لمساعدة النساء الريفيات على استحداث مؤسساتهن المصغرة
وبهدف مساعدة النساء الريفيات خاصة خريجات الجامعات اللواتي اخترن التخصص في مجال فلاحي جديد على غرار زراعة الفطر والزيوت المستخلصة من النباتات العطرية والطبية وكذا صناعة مختلف أنواع الجبن، غير التخصصات الكلاسيكية (تربية النحل والدواجن)، خصصت خلية دعم المرأة الريفية حيزا هاما من برنامج عملها لتنظيم دورات تكوينية تكلل بشهادات معتمدة لمساعدة المستفيدات منها على الحصول على الدعم المالي الذي تقدمه مختلف أجهزة التشغيل، تقول رئيسة خلية دعم المرأة الريفية بغرفة الفلاحة السيدة مركان تيا.
ولمحافظة الغابات دورها..
بدورها تستعد محافظة الغابات هي الأخرى لاستدعاء النساء الريفيات المنتجات اللواتي يتمتعن بمستوى دراسي يسمح لهن باستحداث مؤسسة مصغرة وهذا في مختلف التخصصات الحديثة المذكورة سالفا بهدف مساعدتهن على تجسيد حلمهن، حسب ما ذكرته محافظ قسم الغابات رئيسة مكتب بمحافظة الغابات السيدة بوقفة.
وبالرغم من الحملات التحسيسية التي تبادر بها الجهات المعنية بدعم المرأة الريفية سواء مديرية الفلاحة أو محافظة الغابات وكذا غرفة الفلاحة، بالإضافة إلى الجمعيات المختصة في المجال الفلاحي إلا أن عدد المشاركات في مختلف الدورات التكوينية
وكذا المعارض يبقى “جد قليل” مقارنة بالعدد الحقيقي للنساء الريفيات المنتجات الناشطات بالولاية في مختلف التخصصات أبرزها الفلاحة المعيشية (زراعة الخضر والأشجار المثمرة) وكذا تربية الدواجن والأبقار والأغنام والنحل، حسب ما أجمعن عليه ممثلات المصالح المعنية.
تربية الأسماك في المياه العذبة
من جهة أخرى، عرفت التسجيلات في الدورة التكوينية الثانية حول تربية الأسماك في المياه العذبة المخصصة للمرأة الريفية القاطنة بالبلديات الريفية لولاية البليدة إقبالا “معتبرا”، حسب مسؤولة بالمديرية المحلية لمديرية المصالح الفلاحية.
وأوضحت رئيسة مصلحة التكوين والإرشاد الفلاحي، بوزيد نجمة، أن المديرية “فتحت مؤخرا باب التسجيلات أمام النساء الريفيات المهتمات بفتح مشاريع لتربية الأسماك في المياه العذبة وذلك للاستفادة من دورة تكوينية في هذا المجال”.
وقالت ذات المتحدثة إن هذه الدورة التي تندرج في إطار برنامج مسطر من طرف الوزارة الوصية والذي يهدف لترقية المرأة الريفية والتنمية الجبلية، تعد الثانية من نوعها بعد تلك التي جرت العام الماضي والتي استفادت منها 30 امرأة، حيث تلقين دروسا تطبيقية ونظرية حول تطوير المهارات وتحضير حوض لتربية الأسماك.
وذكرت الآنسة بوزيد أن شروط التسجيل تتمثل في أن تكون المرأة تقطن في إحدى البلديات الريفية للولاية وأن يكون لديها مساحة لحفر حوض إسمنتي سعته 100 متر مكعب على الأقل للانطلاق في مشروعها، على أن يتم دعم المستفيدات في نهاية الدورة بصغار الأسماك انطلاقا من أحواض تفريخ الأسماك الواقعة بالولايات المجاورة كعين الدفلى وتيبازة.
كما دعت جميع النساء الريفيات المهتمات بالدورة للتسجيل على مستوى مديرية المصالح الفلاحية أو القسمة الفلاحية لأولاد يعيش، لافتة إلى أن إعلام النساء يتم عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي وعبر التنقل للبلديات الريفية وتحسيسهن بضرورة فتح مشاريع مصغرة خاصة بهن للمساهمة في الرفع من المستوى المادي لعائلتهن وإعطاء دفع للاقتصاد المحلي في آن واحد.
لمياء. ب