الجزائر- طمأن الوزير الأول أحمد أويحيى، الجزائريين وخبراء الاقتصاد الذين تخوفوا من التوجه لسياسة التمويل غير التقليدي المتعلقة بطباعة الأموال لمجابهة الأزمة الاقتصادية، حيث أكد أن “هذه الأموال التي
ستقترضها خزينة الدولة من بنك الجزائر ليست موجهة لتمويل الاستهلاك وإنما لتمويل الاستثمار العمومي خاصة بعد تآكل احتياطات الصرف ونفاد الأموال التي كانت في صندوق ضبط الإيرادات والبنوك “، مستبعدا أن يخلق هذا الإجراء تضخما مثلما حدث مع دولة فنزويلا.
شرح أحمد أويحيى بالتفصيل أسباب لجوء الجزائر إلى اقتراض الأموال من البنك المركزي عن طريق التمويل غير التقليدي، حيث أكد خلال عرضه لمخطط عمل الحكومة بالمجلس الشعبي الوطني، الأحد، أن “خزينة الدولة تواجه حاليا دينا عموميا لا يتجاوز 20 بالمائة من الناتج الداخلي الخام وبالتالي لديها هامش معقول من المديونية”.
واعتبر أويحيى أن اللجوء إلى طباعة الأموال يعد حلا أفضل من التوجه إلى الاستدانة الخارجية، معللا ذلك “لو نقترض الأموال من الخارج يجب على الأقل اقتراض 20 مليار دولار كل سنة وبعد مرور 4 أو 5 سنوات نجد أن الدولة عاجزة عن تسديد المديونية سيما وأن الجزائر لها تجربة في ذلك”، مضيفا أن الحكومة تعتزم “مرافقة هذا الحل بالإصلاحات المطلوبة من اجل استعادة توازنات المالية العمومية”.
ولفت الوزير الاول إلى ان بلدانا مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا التي تمتلك مالية عمومية الاكثر متانة، لديها أيضا دين عمومي يقارب نسبة 70 من الناتج الداخلي الخام” مضيفا أن هذا “التمويل لم تخلقه الحكومة الجزائرية بين عشية وضحاها وإنما ظهر سنة 2008 أثناء الأزمة الاقتصادية العالمية، وهذا ليس بدعة، فنحن شعب حر وسيد ولسنا انديجان”.
وفي ختام تشريحه للتمويل غير التقليدي، وضع أحمد أويحيى مقاربة لتحديين واجهتهما الجزائر، الأول يتعلق بإعادة السلم للجزائر عن طريق مشروع المصالحة الوطنية، حيث قال الوزير الأول إن هذا المشروع انتقد اثناء إصداره، لكن أشخاصا كثيرين اعترفوا بعد ذلك بأنه مشروع ناجح منح السلم للجزائر والجزائريين، أما التحدي الثاني يتعلق بالأزمة الاقتصادية التي تجعلنا -يقول الوزير الأول- “نتجه للتمويل غير التقليدي و هو الأمر الذي سينتقده الكثير، لكنهم سيعترفون بنجاعته مع مرور الوقت”.
موارد إضافية لصندوق التقاعد في 2018
من جهة أخرى، أقر أويحيى بالصعوبات المالية التي تعرفها المنظومة الوطنية للتقاعد والتي تزداد خطورة من سنة إلى أخرى، حيث أكد أن الحكومة ستسهر على صونها والحفاظ عليها عن طريق مكافحة الغش وكذا من خلال الموارد الإضافية التي سيتم حشدها في إطار قانون المالية لسنة 2018″.
وبخصوص التضامن الوطني، أكد الوزير الأول أن “جهد الدولة سيبقى قائما في مجال التضامن الوطني إزاء كل المستفيدين منه، كما ستحاط الفئات ذات الاحتياجات الخاصة بدعم الدولة وسيتم الإبقاء على التحويلات الاجتماعية في نفس المستوى ضمن ميزانية الدولة.
أما بخصوص عمليات الدعم العمومي المباشرة وغير المباشرة، فأكد أنها ستظل محل ترشيد في المستقبل على أن يتم ذلك بعد تحضير جيد من أجل تفادي المظالم وسوء الفهم، وقال إنه في انتظار إتمام هذا الملف على مستوى الإدارات العمومية ثم المشاورات التي ستجري بشأنه فإن “المساعدات ستظل سارية بالنسبة للمواد الأساسية”.
كما كشف الوزير الأول، أنّ الحكومة ستستمر في إنجاز سكنات عدل بالرغم من مخلفات الأزمة الإقتصادية، مطمئننا مكتتبي عدل بأنهم سيستفيدون من مساكنهم .
التربية والصحة ومكافحة البطالة أولويات الحكومة
وفي قطاع التربية الوطنية، أكد الوزير الأول أنه “سيتم بذل جهد خاص من أجل تحسين ظروف الدراسة بالنسبة للسنة الدراسية الجارية”، كما “سيتم أيضا توفير الشروط الضرورية لحسن سير الامتحانات، وكذا التحضير لسنة مدرسية أكثر نجاعة”.
أما في قطاع الصحة، أكد أويحيى أن “ورشات قطاع الصحة ستتواصل وتستكمل بورشات جديدة”، كما أكد على تعزيز عمليات تدارك العجز في المنشآت الصحية، من خلال “بعث المشاريع متوسطة الحجم التي جمدت” كما سيتم “تكثيف تكوين الإطارات شبه الطبيين على نحو يساهم في تقليص العجز الكبير في هذا المجال”.
كما أكد الوزير الأول، أن الحكومة ستواصل مكافحة البطالة من أجل احتواء الظاهرة التي سجلت -كما قال- “ارتفاعا طفيفا”، وذلك من خلال تكثيف الاستثمار الاقتصادي في جميع القطاعات وكذا من خلال إنعاش برامج الاستثمارات العمومية وإجراءات تكميلية.
الحكومة مستعدة دائما للحوار مع شركائها
وأكد الوزير استعداد الحكومة الدائم للحوار مع شركائها السياسيين والاجتماعيين، في إطار “جهود ترسيخ الديمقراطية التعددية بما يسهم في استقرار البلاد”، مضيفا أن الحكومة ستعمل أيضا على “إقامة علاقة متواصلة مع أحزاب الأغلبية الرئاسية التي تشكل أغلبيتها الخاصة على مستوى البرلمان”.
وأكد عزم الحكومة على “ترقية دور الأحزاب بتنوعها وتدعيم حرية الصحافة والحق في الإعلام وكذا تفعيل مساهمة الحركة الجمعوية والمجتمع المدني” في ظل احترام مبادئ الدستور والقانون.
وستتبع الجلسة العلنية المخصصة لعرض مخطط عمل الحكومة، بمناقشة عامة تستمر إلى غاية يوم الثلاثاء 19 سبتمبر وهو موعد تدخل رؤساء المجموعات البرلمانية، فيما سيفسح المجال يوم الخميس 21 سبتمبر للاستماع إلى رد الوزير الأول على استفسارات النواب وكذا التصويت على مخطط العمل.
وكان أويحيى قد وصف في تصريح له نهاية الأسبوع الماضي مخطط عمل الحكومة، بأنه “ثري وهدفه الأول هو استكمال مسار تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية الذي نال تزكية الشعب في 2014”.